تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣١٩
واشرافهم عليه بعد فصل القضاء كما يفيده السياق والمراد بالعذاب عذاب يوم القيامة وهو عذاب النار.
والمعنى والله أعلم وإذا قضى الامر بعذابهم وأشرفوا على العذاب بمشاهدة النار فلا مخلص لهم عنه بتخفيف أو بانظار وامهال.
قوله تعالى: " وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم " إلى آخر الآية مضى في حديث يوم البعث وقوله وإذا رأى الذين أشركوا وهم في عرف القرآن عبدة الأصنام والأوثان قرينة على أن المراد بقوله شركاءهم الذين أشركوهم بالله زعما منهم انهم شركاء لله وافتراء ويدل أيضا عليه ذيل الآية والآية التالية.
فتسميتهم شركاءهم وهم يسمونهم شركاء الله للدلالة بها على أن ليس لهم من الشركة إلا الشركة بجعلهم بحسب وهمهم فليس لاشراكهم شركاءهم من الحقيقة إلا انها لا حقيقة لها وبذلك يظهر ان تفسير شركائهم بالأصنام أو بالمعبودات الباطلة وانهم انما عدوا شركائهم لانهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم وأنعامهم أو الشياطين لانهم شاركوهم في الأموال والأولاد أو شركاؤهم في الكفر وهم الذين كفروا مثل كفرهم أو شاركوهم في وبال كفرهم كل ذلك في غير محله ولا نطيل بالمناقشة في كل واحد منها.
وقوله: " قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا " من دونك معناه ظاهر وهو تعريف منهم إياهم لربهم ولا حاجة إلى البحث عن غرض المشركين في تعريفهم فان اليوم يوم أحاط بهم الشقاء والعذاب من كل جانب والانسان في مثل ذلك يلوى إلى كل ما يخطر بباله من طرق السعي في خلاص نفسه وتنفيس كربه.
وقوله فألقوا إليهم القول انكم لكاذبون قال في المجمع تقول القيت الشئ إذا طرحته واللقى الشئ الملقى وألقيت إليه مقالة إذا قلتها له وتلقاها إذا قبلها انتهى.
والمعنى ان شركائهم ردوا إليهم وكذبوهم وقد عبر سبحانه في موضع آخر عن هذا التكذيب بالكفر كقوله: " ويوم القيامة يكفرون بشرككم " فاطر: 14 وقوله حكاية عن مخاطبة الشيطان لهم يوم القيامة: " انى كفرت بما أشركتمون من
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست