تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣١٧
وان جميع ما فعله بهم انما هو خذلان ونقمة لأنه سبحانه نص في هذه الآية على خلاف قولهم انتهى.
والحق ان للنعمة اعتبارين أحدهما كونها نعمه أي ناعمة ملائمة لحال المنعم عليه من حيث كونه في صراط التكوين أي من حيث سعادته الجسمية والاخر من حيث وقوع المنعم عليه في صراط التشريع أي من حيث سعادته الروحية الانسانية بأن تكون النعمة بحيث توجب معرفتها ايمانه بالله ورسوله واليوم الآخر واستعمالها في طريق مرضاة الله والمؤمن منعم بالنعمتين كلتيهما والكافر منعم في الدنيا بالطائفة الأولى محروم من الثانية وفي كلامه سبحانه شواهد كثيرة تشهد على ذلك.
قوله تعالى: " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون " قال في المجمع قال الزجاج والعتب الموجودة يقال عتب عليه يعتب إذا وجد عليه فإذا فاوضه ما عتب عليه قالوا عاتبه وإذا رجع إلى مسرته قيل اعتب والاسم العتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضى العاتب واستعتبه طلب منه ان يعتب انتهى.
وقوله ويوم نبعث من كل أمة شهيدا يفيد السياق ان المراد بهذا اليوم يوم القيامة وبهؤلاء الشهداء الذين يبعث كل واحد منهم من أمة شهداء الأعمال الذين تحملوا حقائق اعمال أمتهم في الدنيا وهم يستشهد بهم ويشهدون عليهم يوم القيامة وقد تقدم بعض الكلام في معنى هذه الشهادة في تفسير قوله: " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " البقرة: 143 في الجزء الأول من الكتاب.
ولا دلالة في لفظ الآية على أن المراد بشهيد الأمة نبيها ولا ان المراد بالأمة أمة الرسول فمن الجائز ان يكون غير النبي من أمته كالامام شهيدا كما يدل عليه آية البقرة السابقة وقوله تعالى: " وجئ بالنبيين والشهداء " الزمر: 69 وعلى هذا فالمراد بكل أمة أمة الشهيد المبعوث وأهل زمانه.
وقوله ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون ذكر بعث شهداء الأمم دليل على أنهم يشهدون على أممهم بما عملوا في الدنيا وقرينة على أن المراد من نفى الاذن للكافرين انهم لا يؤذن لهم في الكلام وهو الاعتذار لا محالة ونفى الاذن في الكلام
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست