تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠٦
وليسا سواء بالنسبة إليه وعلى هذا القياس.
فان في ذلك غفلة عن معنى عموم القدرة وتوضيحه ان القدرة التي فينا قدرة مقيدة فان قدرة الانسان مثلا على اكل الغذاء وهى إن له نسبة الفاعلية إليه وهى في تأثيرها مشروطة بتحقق غذاء في الخارج وكونه بين يديه وممكن التناول وعدم ما يمنع من ذلك من انسان أو غيره وكون أدوات الفعل كاليد والفم وغيرهما غير مصابة بآفة إلى غير ذلك والذي يملكه الانسان هو الإرادة والزائد على ذلك وسائط وشرائط وموانع خارجة عن قدرته بالحقيقة وقيد يقيدها وإذا أراد الانسان أن يعمل قدرته فيأكل كان عليه ان يهئ تلك الأمور التي تتقيد بها قدرته في التأثير كتحصيل الغذاء ووضعه قريبا منه ورفع الموانع واعمال الادوات البدنية مثلا.
ومن المعلوم ان قلة هذه الأمور وكثرتها وقربها وبعدها وما أشبه ذلك من صفاتها توجب اختلاف الفعل في السهولة وعدمها وضعف القدرة وقوتها فتقيد القدرة هو الموجب للاختلاف.
اما قدرته تعالى فإنها عين ذاته التي يجب وجودها ويمتنع عدمها وإذا كان كذلك فلو تقيدت بقيد من وجود سبب أو شرط أو عدم مانع لانعدمت بانعدام قيدها وهو محال فقدرته تعالى مطلقة غير محدودة بحد ولا مقيدة بقيد عامة تتعلق بكل شئ على حد سواء من غير أن يكون شئ بالنسبة إليه أصعب من شئ أو أسهل وأقرب إليه من شئ أو أبعد وانما الاختلاف بين الأشياء أنفسها بقياس بعضها إلى بعض.
وبتقريب آخر ما من شئ الا وهو يفتقر إليه سبحانه في وجوده فإذا فرضنا كل أمر موجود بحيث لا يشذ عنها شاذ في جانب ونسبناها إليه تعالى كان الجميع متعلقا لقدرته وليس هناك أمر ثالث يكون قيدا لقدرته من سبب أو شرط أو عدم مانع وإلا لكان شريكا في التأثير تعالى عن ذلك.
واما الذي بين الأشياء أنفسها من الأسباب المتوسطة والشرائط والموانع فإنها توجب تقيد بعضها ببعض لا تقيد القدرة العامة الإلهية التي تتعلق بها ثم تتعلق القدرة بالمقيد منها دون المطلق بمعنى ان متعلق القدرة هو زيد الذي أبوه فلان وامه فلان وهو في زمان كذا ومكان كذا وهكذا فوجود زيد بجميع روابطه وجود جميع العالم
(٣٠٦)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست