بذلك مع أن وقايتها للبرد أكثر لان الذين خوطبوا بذلك أهل حر في بلادهم فحاجتهم إلى ما يقى الحر أكثر عن عطاء.
قال على أن العرب يكتفى بذكر أحد الشيئين عن الاخر للعلم به قال الشاعر وما ادرى إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني.
فكنى عن الشر ولم يذكره لأند مدلول عليه ذكره الفراء انتهى.
ولعل بعض الوجه في ذكره الحر والاكتفاء به ان البشر الأولى كانوا يسكنون المناطق الحارة من الأرض فكان شدة الحر أمس بهم من شدة البرد وتنبههم لاتخاذ السراويل انما هو للاتقاء مما كان الابتلاء به أقرب إليهم وهو الحر والله أعلم.
وقوله وسرابيل تقيكم بأسكم الظاهر أن المراد به درع الحديد ونحوه.
وقوله كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون امتنان عليهم باتمام النعم التي ذكرها وكانت الغاية المرجوة من ذلك اسلامهم لله عن معرفتها فإن المترقب المتوقع ممن يعرف النعم واتمامها عليه ان يسلم لإرادة منعمه ولا يقابله بالاستكبار لان منعما هذا شأنه لا يريد به سوء.
قوله تعالى: " فان تولوا فإنما عليك البلاغ المبين " قال في المجمع البلاغ الاسم والتبليغ المصدر مثل الكلام والتكليم انتهى.
لما فرغ عن ذكر ما أريد ذكره من النعم والاحتجاج بها ختمها بما مدلولها العتاب واللوم والوعيد على الكفر ويتضمن ذكر وحدانيته تعالى في الربوبية والمعاد والنبوة وبدأ ذلك ببيان وظيفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رسالته وهو البلاغ فقال فان تولوا أي يتفرع على هذا البيان الذي ليس فيه الا دعوتهم إلى ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم من غير أن يتبعه اجبار أو اكراه انهم ان تولوا واعرضوا عن الاصغاء إليه والاهتداء به فإنما عليك البلاغ المبين والتبليغ الواضح الذي لا ابهام فيه ولا ستر عليه لأنك رسول وما على الرسول الا ذلك. وفي الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيان وظيفة له.
قوله تعالى: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون " المعرفة