تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠١
وكلت السكين كلولا إذا غلظت شفرتها وكل لسانه إذا لم ينبعث في القول لغلظه وذهاب حده فالأصل فيه الغلظ المانع من النفوذ والتوجيه الارسال في وجه من الطريق يقال وجهته إلى موضع كذا فتوجه إليه انتهى.
فقوله وضرب الله مثلا رجلين مقايسة أخرى بين رجلين مفروضين متقابلين في أوصافهما المذكورة.
وقوله أحدهما أبكم لا يقدر على شئ أي محروم من أن يفهم الكلام ويفهم غيره بالكلام لكونه أبكم لا يسمع ولا ينطق فهو فاقد لجميع الفعليات والمزايا التي يكتسبها الانسان من طريق السمع الذي هو أوسع الحواس نطاقا به يتمكن الانسان من العلم باخبار من مضى وما غاب عن البصر من الحوادث وما في ضمائر الناس ويعلم العلوم والصناعات وبه يتمكن من القاء ما يدركه من المعاني الجليلة والدقيقة إلى غيره ولا يقوى الابكم على درك شئ منها إلا النزر اليسير مما يساعد عليه البصر بإعانة من الإشارة.
فقوله لا يقدر على شئ مخصص عمومه بالأبكم أي لا يقدر على شئ مما يقدر عليه غير الابكم وهو جملة ما يحرمه الابكم من تلقى المعلومات والقائها.
وقوله وهو كل على مولاه أي ثقل وعيال على من يلي ويدبر امره فهو لا يستطيع ان يدبر أمر نفسه وقوله أينما يوجهه لا يأت بخير أي إلى أي جهة أرسله مولاه لحاجة من حوائج نفسه أو حوائج مولاه لم يقدر على رفعها فهو لا يستطيع ان ينفع غيره كما لا ينفع نفسه فهذا أعني قوله أحدهما أبكم لا يقدر على شئ الخ مثل أحد الرجلين ولم يذكر سبحانه مثل الاخر لحصول العلم به من قوله هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل الخ وفيه ايجاز لطيف.
وقوله هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم فيه إشارة إلى وصف الرجل المفروض وسؤال عن استوائهما إذا قويس بينهما وعدمه.
اما الوصف فقد ذكر له منه آخر ما يمكن ان يتلبس به غير الابكم من الخير والكمال الذي يحلى نفسه ويعدو إلى غيره وهو العدل الذي هو التزام الحد الوسط في الأعمال واجتناب الافراط والتفريط فان الامر بالعدل إذا جرى على حقيقته كان لازمه
(٣٠١)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست