والعرب ربما يضمر ما الموصولة كثيرا ومنه قوله تعالى: " وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا " الدهر: 20 والتقدير رأيت ما ثم أو التقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب شئ تتخذون منه بناء على عدم جواز حذف الموصول وابقاء الصلة على ما ذهب إليه البصريون من النحاة.
واما جملة فعلية معطوفة على قوله انزل من السماء كما في الآية التالية وأوحى ربك والتقدير خلق لكم أو آتاكم من ثمرات النخيل والأعناب وقوله تتخذون منه الخ بدل منه أو استئناف كأن قائلا يقول ما ذا نستفيد منه فقيل تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا وافراد ضمير منه بتأويل المذكور كقوله مما في بطونه في الآية السابقة.
وقوله تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا أي تتخذون مما ذكر من ثمرات النخيل والأعناب ما هو مسكر كالخمر بأنواعها ورزقا حسنا كالتمر والزبيب والدبس وغير ذلك مما يقتات به.
ولا دلالة في الآية على إباحة استعمال السكر ولا على تحسين استعماله ان لم تدل على نوع من تقبيحه من جهة مقابلته بالرزق الحسن وانما الآية تعد ما ينتفعون به من ثمرات النخيل والأعناب وهى مكية تخاطب المشركين وتدعوهم إلى التوحيد.
وعلى هذا فالآية لا تتضمن حكما تكليفيا حتى تكون منسوخة أو غير منسوخة وبه يظهر فساد القول بكونها منسوخة بآية المائدة كما نسب إلى قتادة.
وقد اغرب صاحب روح المعاني إذ قال وتفسير السكر بالخمر هو المروى عن ابن مسعود وابن عمر وأبى رزين والحسن ومجاهد والشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وأبى ثور والكلبي وابن جبير مع خلق آخرين والآية نزلت في مكة والخمر إذ ذاك كانت حلالا يشربها البر و الفاجر وتحريمها انما كان بالمدينة اتفاقا واختلفوا في أنه قبل أحد أو بعدها والآية المحرمة لها يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه على ما ذهب إليه جمع فما هنا منسوخ بها وروى ذلك غير واحد ممن تقدم كالنخعي وأبى ثور وابن جبير.
وقيل نزلت قبل ولا نسخ بناء على ما روى عن ابن عباس ان السكر هو الخل