تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٧
الرزق وحينئذ يكون تخصيص ذلك بالعبيد مستدركا زائدا ولو وجه بأنه انما لا يرده عليه لمكان تسلطه على عبيده رجع إلى ما قدمناه من المعنى ولكانت النعمة المعدودة هي الفضل من جهة مالكية المولى لعبده ولما عنده من الرزق.
قوله تعالى: " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " إلى آخر الآية قال في المفردات قال الله تعالى: " 2 وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " جمع حافد وهو المتحرك المسرع بالخدمة أقارب كانوا أو أجانب قال المفسرون هم الأسباط ونحوهم وذلك أن خدمتهم أصدق إلى أن قال قال الأصمعي أصل الحفد مداركة الخطو انتهى.
وفي المجمع واصل الحفد الاسراع في العمل إلى أن قال ومنه قيل للأعوان حفدة لاسراعهم في الطاعة انتهى والمراد بالحفدة في الآية الأعوان الخدم من البنين لمكان قوله وجعل لكم من أزواجكم ولذا فسر بعضهم قوله بنين وحفدة بصغار الأولاد وكبارهم وبعضهم بالبنين والأسباط وهم بنو البنين.
والمعنى والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا تألفونها وتأنسون بها وجعل لكم من أزواجكم بالايلاد بنين وحفدة وأعوانا تستعينون بخدمتهم على حوائجكم وتدفعون بهم عن أنفسكم المكاره ورزقكم من الطيبات وهى ما تستطيبونه من أمتعة الحياة وتنالونه بلا علاج وعمل كالماء والثمرات أو بعلاج وعمل كالأطعمة والملابس ونحوها ومن في من الطيبات للتبعيض وهو ظاهر.
ثم وبخهم بقوله أفبالباطل وهى الأصنام والأوثان ومن ذلك القول بالبنات لله والاحكام التي يشرعها لهم أئمتهم أئمة الضلال يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون والنعمة هي جعل الأزواج من أنفسهم وجعل البنين والحفدة من أزواجهم فان ذلك من أعظم النعم وأجلاها لكونه أساسا تكوينيا يبتنى عليه المجتمع البشرى ويظهر به فيهم حكم التعاون والتعاضد بين الافراد وينتظم به لهم أمر تشريك الأعمال والمساعي فيتيسر لهم الظفر بسعادتهم في الدنيا والآخرة.
ولو أن الانسان قطع هذا الرابط التكويني الذي أنعم الله به عليه وهجر هذا السبب الجميل وان توسل بأي وسيلة غيره لتلاشي جمعه وتشتت شمله وفي ذلك
(٢٩٧)
مفاتيح البحث: الرزق (2)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست