تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠٠
والجملة من تمام الحجة ومحصلها انه لا يستوى المملوك الذي لا يقدر أن يتصرف في شئ وينعم بشئ والمالك الذي يملك الرزق ويقدر على التصرف فيه فيتصرف وينعم كيف شاء والله سبحانه هو المحمود بكل حمد إذ ما من نعمة إلا وهى من خلقه فله كل صفة يحمد عليها كالخلق والرزق والرحمة والمغفرة والاحسان والانعام وغيرها فله كل ثناء جميل وما يعبدون من دونه مملوك لا يقدر على شئ فهو سبحانه الرب وحده دون غيره.
وقد قيل إن الحمد في الآية شكر على نعمه تعالى وقيل حمد على تمام الحجة وقوتها وقيل تلقين للعباد ومعناه قولوا الحمد لله الذي دلنا على توحيده وهدانا إلى شكر نعمه وهى وجوه لا يعبأ بها.
وقوله بل أكثرهم لا يعلمون أي أكثر المشركين لا يعلمون ان النعمة كلها لله لا يملك غيره شيئا ولا يقدر على شئ بل يثبتون لأوليائهم شيئا من الملك والقدرة على سبيل التفويض فيعبدونهم طمعا وخوفا هذا حال أكثرهم واما اقلهم من الخواص فإنهم على علم من الحق لكنهم يحيدون عنه بغيا وعنادا.
وقد تبين مما تقدم ان الآية مثل مضروب في الله سبحانه وفيمن يزعمونه شريكا له في الربوبية وقيل إنها مثل تمثل به حال الكافر المخذول والمؤمن الموفق فإن الكافر لاحباط عمله وعدم الاعتداد باعماله كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شئ فلا يعد له احسان وان أنفق وبالغ بخلاف المؤمن الذي يوفقه الله لمرضاته ويشكر مساعيه فهو ينفق مما عنده من الخير سرا وجهرا.
وفيه انه لا يلائم سياق الاحتجاج الذي للآيات وقد تقدم ان الآية إحدى الآيات الثلاث المتوالية التي تتعرض لغرض تعداد النعم الإلهية وهى تذكر بالتوحيد بمثل يقيس حال من ينعم بجميع النعم من حال من لا يملك شيئا ولا يقدر على شئ فيستنتج ان الرب هو المنعم لا غير.
قوله تعالى: " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم " إلى آخر الآية قال في المجمع الابكم الذي يولد اخرس لا يفهم ولا يفهم وقيل الابكم الذي لا يقدر أن يتكلم والكل الثقل يقال كل عن الامر يكل كلا إذا ثقل عليه فلم ينبعث فيه.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست