تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٩
رميم إلى غير ذلك وهذا هو المعنى المعهود من هذه الكلمة في كلامه تعالى وقد تقدم في خلال الآيات السابقة قوله للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى.
فالمعنى إذا كان الامر على ما ذكر فلا تصفوه سبحانه بما تشبهونه بغيره وتقيسونه إلى خلقه لان الله يعلم وأنتم لا تعلمون حقائق الأمور وكنهه تعالى.
وقيل المراد بالضرب الجعل وبالأمثال ما هو جمع المثل بمعنى الند فقوله : " فلا تضربوا لله الأمثال " في معنى قوله في موضع آخر فلا تجعلوا لله أندادا " البقرة:
22 وهو معنى بعيد.
قوله تعالى: " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " إلى آخر الآية ما في الآية من المثل المضروب يفرض عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وآخر رزق من الله رزقا حسنا ينفق منه سرا وجهرا ثم يسأل هل يستويان؟ واعتبار التقابل بين المفروضين يعطى ان كلا من الطرفين مقيد بخلاف ما في الاخر من الوصف مع تبيين الأوصاف بعضها لبعض.
فالعبد المفروض مملوك غير مالك لا لنفسه ولا لشئ من متاع الحياة وهو غير قادر على التصرف في شئ من المال والذي فرض قباله حر يملك نفسه وقد رزقه الله رزقا حسنا وهو ينفق منه سرا وجهرا على قدرة منه على التصرف بجميع أقسامه.
وقوله هل يستوون سؤال عن تساويهما ومن البديهي ان الجواب هو نفى التساوي ويثبت به ان الله سبحانه وهو المالك لكل شئ المنعم بجميع النعم لا يساوى شيئا من خلقه وهم لا يملكون لا أنفسهم ولا غيرهم ولا يقدرون على شئ من التصرف فمن الباطل قولهم ان مع الله آلهة غيره وهم من خلقه.
والتعبير بقوله يستوون دون أن يقال يستويان للدلالة على أن المراد من ذلك الجنس من غير أن يختص بمولى وعبد معينين كما قيل.
وقوله الحمد لله أي له عز اسمه جنس الحمد وحقيقته وهو الثناء على الجميل الاختياري لان جميل النعمة من عنده ولا يحمد الا الجميل فله تعالى كل الحمد كما أن له جنسه فافهم ذلك.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست