تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠٥
شهادته وهو موجود ثابت معه وله الخلق والامر والساعة الموعودة ليست بأمر محال حتى لا يتعلق بها قدرة بل هي من غيب السماوات والأرض وحقيقتها المستورة عن الافهام اليوم فهى مما استقر عليه ملكه تعالى وله ان يتصرف فيه بالاخفاء يوما وبالاظهار آخر.
وليست بصعبة عليه تعالى فإنما أمرها كلمح البصر أو أقرب من ذلك لان الله على كل شئ قدير.
ومن هنا يظهر ان قوله وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير مسوق لا لاثبات أصل الساعة أو امكانها بل لنفى صعوبتها والمشقة في اقامتها وهوان أمرها عنده سبحانه.
فقوله وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب أي بالنسبة إليه وإلا فقد استعظم سبحانه أمرها بما يهون عنده كل أمر خطير ووصفها بأوصاف لا يعادلها فيها غيرها قال تعالى: " ثقلت في السماوات والأرض " الأعراف: 187.
وتشبيه أمرها بلمح البصر انما هو من جهة إن اللمحة وهى مد البصر وارساله للرؤية أخف الأعمال عند الانسان وأقصرها زمانا فهو تشبيه بحسب فهم السامع ولذلك عقبه بقوله أو هو أقرب فان مثل هذا السياق يفهم منه الاضراب فكأنه تعالى يقول إن أمرها في خفة المؤنة والهوان والسهولة بالنسبة إلينا يشبه لمح أحدكم ببصره وانما أشبهه به رعاية لحالكم وتقريبا إلى فهمكم وإلا فالامر أقرب من ذلك كما قال فيها: " ويقول كن فيكون " الانعام: 73 فأمر الساعة بالنسبة إلى قدرته ومشيته تعالى كامر أيسر الخلق وأهونه.
وعلل تعالى ذلك بقوله ان الله على كل شئ قدير فقدرته على كل شئ توجب أن تكون الأشياء بالنسبة إليه سواء.
وإياك أن تتوهم ان عموم القدرة لا يستوجب ارتفاع الاختلاف من بين الأشياء من حيث النسبة فقلة الأسباب المتوسطة بين الفاعل وفعله والشرائط والموانع وكثرتها لهما تأثير في ذلك لا محالة فالانسان مثلا قادر على التنفس وحمل ما يطيقه من الأثقال
(٣٠٥)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست