تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٥
الذكر ونحن المسؤولون قال قال أبو جعفر عليه السلام الذكر القرآن.
أقول وروى نظير هذا البيان عن الرضا عليه السلام في مجلس المأمون.
وقد مر ان الخطاب في الآية على ما يفيده السياق للمشركين من الوثنيين المحليين للرسالة أمروا أن يسألوا أهل الذكر وهم أهل الكتب السماوية هل بعث الله للرسالة رجالا من البشر يوحى إليهم؟ ومن المعلوم ان المشركين لما كانوا لا يقبلون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن معنى لارجاعهم إلى غيره من أهل القرآن لانهم لم يكونوا يقرون للقرآن انه ذكر من الله فتعين ان يكون المسؤول عنه بالنظر إلى مورد الآية هم أهل الكتاب وخاصة اليهود.
وأما إذا اخذ قوله فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون في نفسه مع قطع النظر عن المورد ومن شأن القرآن ذلك ومن المعلوم ان المورد لا يخصص بنفسه كان القول عاما من حيث السائل والمسؤول والمسؤول عنه ظاهرا فالسائل كل من يمكن ان يجهل شيئا من المعارف حقيقية والمسائل من المكلفين والمسؤول عنه جميع المعارف والمسائل التي يمكن ان يجهله جاهل واما المسئول فإنه وان كان بحسب المفهوم عاما فهو بحسب المصداق خاص وهم أهل بيت النبي عليه وعليهم السلام.
وذلك أن المراد بالذكر ان كان هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في آية الطلاق فهم أهل الذكر وان كان هو القرآن كما في آية الزخرف فهو ذكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولقومه وهم قومه أو المتيقن من قومه فهم أهله وخاصته وهم المسؤولون وقد قارنهم صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن وأمر الناس بالتمسك بهما في حديث الثقلين المتواتر قائلا: انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض الحديث ومن الدليل على أن كلامهم عليهم السلام من الجهة التي ذكرناها عدم تعرضهم لشئ من خصوصيات مورد الآية.
ومما قدمناه يظهر فساد ما اورده بعضهم على الأحاديث ان المشركين الذين أمروا بالسؤال ما كانوا يقبلون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يقبلون من أهل بيته؟
وفي الدر المنثور اخرج ابن مردويه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا ينبغي للعالم ان يسكت على علمه ولا ينبغي للجاهل ان يسكت على جهله وقد قال الله
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست