والأجوبة الثلاثة غير تامة جميعا اما الأول فان اختصاص الناس بالظالمين يوجب اختصاص الهلاك بهم كما ادعى فلا يعم الهلاك المعصومين ولا موجب حينئذ لهلاك سائر الدواب المخلوقة للانسان فلا يستقيم قوله ما ترك عليها من دابة كما لا يخفى.
واما الثاني فلان الآيات بما لها من السياق تبحث عن الظلم بمعنى الشرك وسائر المعاصي المولوية فتعميم الظلم في الآية لترك الأولى وخاصة بالنظر إلى ذيل الآية ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى الظاهر في الايعاد لا يلائم السياق.
واما الثالث فلعدم دليل من جهة اللفظ على ما ذكر فيه.
وقوله ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون استدراك عن مقدر يدل عليه الجملة الشرطية في صدر الآية والتقدير فلا يعاجل في مؤاخذتهم ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى والأجل المسمى بالنسبة إلى الفرد من الانسان موته المحتوم وبالنسبة إلى الأمة يوم انقراضها وبالنسبة إلى عامة البشر نفخ الصور وقيام الساعة ولكل منها ذكر في كلامه تعالى قال: " ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا اجلا مسمى " المؤمن: 67 وقال: " ولكل أمة اجل فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " الأعراف: 34 وقال: " ولولا كلمة سبقت من ربك إلى اجل مسمى لقضى بينهم " الشورى: 14.
قوله تعالى: " ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب ان لهم الحسنى " إلى آخر الآية عود إلى نسبة المشركين إليه تعالى البنات واختيارهم لأنفسهم البنين وهم يكرهون البنات ويحبون البنين ويستحسنونهم.
فقوله ويجعلون لله ما يكرهون يعنى البنات وقوله وتصف السنتهم الكذب أي تخبر السنتهم الخبر الكاذب وهو ان لهم الحسنى أي العاقبة الحسنى من الحياة وهى ان يخلفهم البنون وقيل المراد بالحسنى الجنة على تقدير صحة البعث وصدق الأنبياء فيما يخبرون به كما حكاه عنهم في قوله: " ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربى ان لي عنده للحسنى " حم السجدة: 50 وهذا الوجه لا بأس به لولا ذيل الآية بما سيجئ