تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٣
من معناه.
وقوله لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون أي المقدمون إلى عذاب النار يقال فرط وافرط أي تقدم والافراط الاسراف في التقدم كما أن التفريط التقصير فيه والفرط بفتحتين هو الذي يسبق السيارة لتهيئة المسكن والماء ويقال أفرطه أي قدمه.
ولما كان قولهم كذبا وافتراء ان لله ما يكرهون ولهم الحسنى في معنى دعوى انهم سبقوا ربهم إلى الحسنى وتركوا له ما يكرهون أوعدهم بحقيقة هذا الزعم جزاء لكذبهم وهو ان لهم النار وانهم مقدمون إليها حقا وذلك قوله لا جرم إن لهم النار الخ.
قوله تعالى: " تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب اليم " ظاهر السياق ان المراد باليوم يوم نزول الآية والمراد بكون الشيطان وليا لهم يومئذ اتفاقهم على الضلال في زمان الوحي والمراد بالعذاب الموعود عذاب يوم القيامة كما هو ظاهر غالب الآيات التي توعد بالعذاب.
والمعنى تالله لقد أرسلنا رسلنا إلى أمم من قبلك كاليهود والنصارى والمجوس ممن لم ينقرضوا كعاد وثمود فزين لهم الشيطان أعمالهم فاتبعوه واعرضوا عن رسلنا فهو وليهم اليوم وهم متفقون على الضلال ولهم يوم القيامة عذاب اليم.
وجوز الزمخشري على هذا الوجه ان يكون ضمير وليهم لقريش والمعنى إن الشيطان زين للأمم الماضين أعمالهم وهو اليوم ولى قريش ويبعده لزوم اختلاف الضمائر.
ويمكن ان يكون المراد بالأمم الأمم الماضين والهالكين فولاية الشيطان لهم اليوم كونهم من أولياء الشيطان في البرزخ ولهم هناك عذاب اليم وقيل المراد باليوم مدة الدنيا فهى يوم الولاية والعذاب يوم القيامة.
وقيل المراد به يوم القيامة فهناك ولاية الشيطان لهم ولهم هناك عذاب اليم.
وقيل المراد يوم تزيين الشيطان أعمالهم وهو من قبيل حكاية الحال الماضية.
وأقرب الوجوه اولها ثم التالي فالتالي والله أعلم.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست