تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٩
اجتمع معهم في مكان واحد وجاورهم فيه وان كان جالسا في حاشية القوم لا وسطهم والمراد بذلك انى ميزته من بينهم وقد كان غير متميز.
والمعنى نسقيكم مما في بطونه لبنا خارجا من بين فرث ودم خالصا غير مختلط ولا مشوب بهما ولا مستصحب لشئ من طعمهما ورائحتهما سائغا للشاربين فذلك عبرة لمن اعتبر وذريعة إلى العلم بكمال القدرة ونفوذ الإرادة وان الذي خلص اللبن من بين فرث ودم لقادر على أن يبعث الانسان ويحييه بعدما صار عظاما رميما وضلت في الأرض اجزاؤه.
قوله تعالى: " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا " إلى آخر الآية قال في المفردات السكر بضم السين حالة تعرض بين المرء وعقله إلى أن قال والسكر بفتحتين ما يكون منه السكر قال تعالى: " تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا انتهى.
وقال في المجمع السكر في اللغة على أربعة أوجه الأول ما اسكر من الشراب والثاني ما طعم من الطعام قال الشاعر جعلت عيب الأكرمين سكرا أي جعلت ذمهم طعما لك والثالث السكون ومنه ليلة ساكرة أي ساكنة قال الشاعر وليست بطلق ولا ساكرة ويقال سكرت الريح سكنت قال وجعلت عين الحرور تسكر والرابع المصدر من قولك سكر سكرا ومنه التسكير التحيير في قوله سكرت ابصارنا انتهى والظاهر أن الأصل في معناه هو زوال العقل باستعمال ما يوجب ذلك وسائر ما ذكره من المعاني مأخوذة منه بنوع من الاستعارة والتوسع.
وقوله ومن ثمرات النخيل والأعناب اما جملة اسمية معطوفة على قوله والله انزل من السماء ماء كقوله في الآية السابقة وان لكم في الانعام لعبرة والتقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب ما أو (1) شئ تتخذون منه الخ قالوا

(1) الترديد مبنى على المذهبين في حذف الموصول كما سيأتي.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست