تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٨١
انسان وحيوان فعاد معنى الآية إلى أنه لو يؤاخذهم بظلمهم لأهلك البشر وكل حيوان على الأرض فتوجه إليه ان هذا هو الانسان يهلك بظلمه فما بال سائر الحيوان يهلك ولا ظلم له أو يهلك بظلم من الانسان؟
وأوجه ما أجيب به عنه قول بعضهم باصلاح منا ان الله تعالى لو اخذهم بظلمهم بكفر أو معصية لهلك عامة الناس بظلمهم إلا المعصومين منهم واما المعصومون على شذوذهم وقلة عددهم فإنهم لا يوجدون لهلاك آبائهم وأمهاتهم من قبل وإذا هلك الناس وبطل النسل هلكت الدواب من سائر الحيوان لأنها مخلوقة لمنافع العباد ومصالحهم كما يشعر به قوله تعالى: " خلق لكم ما في الأرض جميعا " البقرة: 29 ولهم وجوه أخر في الذب عن الآية على تقدير عموم الدابة فيها لا جدوى في نقلها من أرادها فليراجع مطولات التفاسير.
واحتج بعضهم بالآية على عدم عصمة الأنبياء عليهم السلام وفيه ان الآية لا تدل على أزيد من أنه تعالى لو اخذ بالظلم لهلك جميع الناس وانقرض النوع واما إن كل من يهلك فإنما هلك عن ظلمه فلا دلالة لها عليه فمن الجائز ان يهلك الأكثرون بظلمهم ويفنى الأقلون بفناء آبائهم وأمهاتهم كما تقدم فلا دلالة في الآية على استغراق الظلم الافراد حتى الأنبياء والمعصومين وانما تدل على استغراق الفناء.
وربما قيل في الجواب ان المراد بالناس الظالمون منهم بقرينة قوله على ظلمهم فلا يشمل المعصومين من رأس.
وربما أجيب ان المراد بالظلم أعم من المعصية التي هي مخالفة الامر المولوي وترك الأولى الذي هو مخالفة الامر الارشادي وربما صدر عن الأنبياء عليهم السلام كما حكى عن آدم وزوجه: " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا " الأعراف: 23 وغيره من الأنبياء فحسنات الأبرار سيئات المقربين وحينئذ فلا يدل عموم الظلم في الآية للأنبياء على عدم عصمة الأنبياء عن المعصية بمعنى مخالفة الامر المولوي.
وربما أجيب بأن اهلاك جميع الناس انما هو بان الله يمسك عن انزال المطر على الأرض لظلم الظالمين من الناس فيهلك به الظالمون والأولياء والدواب فان العذاب إذا نزل لم يفرق بين الشقى والسعيد فيكون على العدو نقمة ونكالا وعلى غيره محنة ومزيد أجر.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست