تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٧٤
تشديد للايعاد.
وذكر بعضهم ان اللام في قوله ليكفروا بما آتيناهم لام الامر والمراد به الايعاد على نحو التعجيز وهو تكلف.
قوله تعالى: " ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون " ذكروا انه معطوف على سائر جناياتهم التي دلت عليها الآيات السابقة والتقدير انهم يفعلون ما قصصناه من جناياتهم ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا والظاهر أن ما في لما لا يعلمون موصولة والمراد به آلهتهم وضمير الجمع يعود إلى المشركين ومفعول لا يعلمون محذوف والمعنى ويجعل المشركون لآلهتهم التي لا يعلمون من حالها انها تضر وتنفع نصيبا مما رزقناهم.
والمراد من هذا الجعل ما ذكره سبحانه في سورة الأنعام: " بقوله وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون " الانعام: 136 هذا ما ذكروه ولا يخلو عن تكلف ويمكن ان يكون معطوفا على ما مر من قوله يشركون والتقدير إذا فريق منكم بربهم يشركون ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم والمراد بما لا يعلمون الأسباب الظاهرة التي ينسبون إليها الآثار على سبيل الاستقلال وهم جاهلون بحقيقة حالها ولا علم لهم جازما انها تضر وتنفع مع ما يرون من تخلفها عن التأثير أحيانا.
وانما نسب إليهم انهم يجعلون لها نصيبا من رزقهم مع أنهم يسندون الرزق إليها بالاستقلال من غير أن يذكروا الله معها ومقتضاه نفى التأثير عنه تعالى رأسا لا اشراكه معها لان لهم علما فطريا بأن الله سبحانه له تأثير في الامر وقد ذكر عنهم آنفا انهم يجأرون إليه عند مس الضر وإذا اعتبر اعترافهم هذا مع اسنادهم التأثير إلى الأسباب انتج ذلك أن الأسباب عندهم شركاء لله في الرزق ولها نصيب فيه ثم أوعدهم بقوله " تالله لتسألن عما كنتم تفترون ".
قوله تعالى ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون عتاب آخر لهم في حكم حكموا به جهلا من غير علم فاحترموا لأنفسهم وأساؤا الأدب مجترئين على الله
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست