تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٩
59 ثم قال في عيسى عليه السلام: " وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه ": النساء: 171.
فتحصل من ذلك كله ان ايجاده تعالى أعني ما يفيضه على الأشياء من الوجود من عنده وهو بوجه نفس وجود الشئ الكائن هو امره وقوله حسب ما يسميه القرآن وكلمته لكن الظاهر أن الكلمة هي القول باعتبار خصوصيته وتعينه.
ويتبين بذلك ان ارادته وقضاءه واحد وانه بحسب الاعتبار متقدم على القول والامر فهو سبحانه يريد شيئا ويقضيه ثم يأمره ويقول له كن فيكون وقد علل عدم تخلف الأشياء عن امره بالطف التعليل إذ قال: " وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق يوم يقول كن فيكون قوله الحق " الانعام: 73 فافاد ان قوله هو الحق الثابت بحقيقة معنى الثبوت أي نفس العين الخارجية التي هي فعله فلا معنى لفرض التخلف فيه وعروض الكذب أو البطلان عليه فمن الضروري ان الواقع لا يتغير عما هو عليه فلا يخطئ ولا يغلط في فعله ولا يرد امره ولا يكذب قوله ولا يخلف في وعده.
وقد تبين أيضا من هذه الآية ومن قوله: " وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ " الخ ان لله سبحانه إرادتين إرادة تكوين لا يتخلف عنها المراد وإرادة تشريع يمكن ان تعصى وتطاع وسنستوفي هذا البحث بعض الاستيفاء إن شاء الله (بحث روائي) في تفسير القمي باسناده عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون قال بيت مكرهم أي ماتوا وأبقاهم الله في النار " وهو مثل لأعداء آل محمد.
أقول وظاهره ان قوله فأتى الله بنيانهم الخ كناية عن بطلان مكرهم.
وفي تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال فأتى الله
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست