تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٧
قوله تعالى: " واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى " إلى آخر الآية قال في المفردات الجهد بفتح الجيم وضمها الطاقة والمشقة أبلغ من الجهد بالفتح قال وقال تعالى: " واقسموا بالله جهد ايمانهم " أي حلفوا واجتهدوا في الحلف ان يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم انتهى.
وقال في المجمع في معنى قوله واقسموا بالله جهد ايمانهم أي بلغوا في القسم كل مبلغ انتهى.
وقولهم لا يبعث الله من يموت انكار للحشر والجملة كناية عن أن الموت فناء فلا يتعلق به بعده خلق جديد وهذا لا ينافي قول كلهم أو جلهم بالتناسخ فإنه قول بتعلق النفس بعد مفارقتها البدن ببدن آخر انساني أو غير انساني وعيشها في الدنيا وهو قولهم بالتولد بعد التولد.
وقوله بلى وعدا عليه حقا أي ليس الامر كما يقولون بل يبعث الله من يموت وعده وعدا ثابتا عليه حقا أي ان الله سبحانه أوجبه على نفسه بالوعد الذي وعد عباده وأثبته اثباتا فلا يتخلف ولا يتغير.
وقوله ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي لا يعلمون انه من الوعد الذي لا يخلف والقضاء الذي لا يتغير لاعراضهم عن الآيات الدالة عليه الكاشفة عن وعده وهى خلق السماوات والأرض واختلاف الناس بالظلم والطغيان والعدل والاحسان والتكليف النازل في الشرائع الإلهية.
قوله تعالى: " ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين " اللام للغاية والغرض أي يبعث الله من يموت ليبين لهم الخ والغايتان في الحقيقة غاية واحدة فان الثانية من متفرعات الأولى ولوازمها فان الكافرين انما يعلمون انهم كانوا كاذبين في نفى المعاد من جهة تبين الاختلاف الذي ظهر بينهم وبين الرسل بسبب اثبات المعاد ونفيه وظهور المعاد لهم عيانا.
وتبين ما اختلف فيه الناس من شؤون يوم القيامة وقد تكرر في كلامه هذا التعبير وما في معناه تكرارا صح معه جعل تبيين الاختلاف معرفا لهذا اليوم الذي ثقل في السماوات والأرض وعلى ذلك يتفرع ما قصه الله سبحانه في كلامه من تفاصيل
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست