تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٢
خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا أقول لكم انى ملك " الانعام: 50 فهذا ما أمر به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ان يبلغهم وقد أمر به نوحا ومن بعده من الرسل عليهم السلام ان يبلغوه أممهم كما في سورة هود وغيرها.
وقال أيضا مخاطبا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: " قل انما انا بشر مثلكم يوحى إلى انما إلهكم اله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " الكهف: 110.
فهذا هو الذي يشير إليه على سبيل الاجمال بقوله كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل الا البلاغ المبين فان ظاهره كما أشرنا إليه سابقا ان هذه حجة دائرة بينهم قديما وحديثا وعلى هذا ليس من شأن الرسول اجبار الناس والجاؤهم على الايمان والطاعة بل البلاغ المبين بالانذار والتبشير وحجتهم لا تدفع ذلك فبلغ ما أرسلت به بلاغا مبينا ولا تطمع في هداية من ضل منهم وستفصل الآيتان التاليتان ما أجملته هذه الآية وتوضحانها.
قوله تعالى: " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة " الخ الطاغوت في الأصل مصدر كالطغيان وهو تجاوز الحد بغير حق واسم المصدر منه الطغوى قال الراغب الطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله ويستعمل في الواحد والجمع قال تعالى: " فمن يكفر بالطاغوت " والذين اجتنبوا الطاغوت " أولياؤهم الطاغوت " انتهى.
وقوله ولقد بعثنا في كل أمة رسولا إشارة إلى أن بعث الرسول أمر لا يختص به أمة دون أمة بل هو سنة الهية جارية في جميع الناس بما انهم في حاجة إليه وهو يدركهم أينما كانوا كما أشار إلى عمومه في الآية السابقة اجمالا بقوله كذلك فعل الذين من قبلهم.
وقوله ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت بيان لبعث الرسول على ما يعطيه السياق أي ما كانت حقيقة بعث الرسول الا ان يدعوهم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت لان الامر وكذا النهى من البشر وخاصة إذا كان رسولا ليس إلا دعوة عادية
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست