تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٣
يشك ثم ينادى الثانية يا أيها الناس فيقول الناس هل سمعتم؟ فيقولون نعم ثم ينادى أيها الناس اتى أمر الله فلا تستعجلوه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فوالذي نفسي بيده ان الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه وان الرجل ليملؤ حوضه فما يسقى فيه شيئا وان الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس.
أقول وقد رام بعضهم ان يستفيد من هذه الروايات الثلاث وفي معناها بعض روايات اخر ان المراد بالامر هو يوم القيامة ولا دلالة فيها على ذلك.
اما الرواية الأولى فلا يدل ذعرهم انهم فهموا منها ذلك فان أمر الله ايا ما كان مما يهيب عباده على أنه لا حجة في فهمهم وليس الشبهة مفهومية حتى يرجع إليهم بما هم أهل اللسان.
على أن الرواية لا تخلو عن شئ فان الله سبحانه يعد الاستعجال بالقيامة من صفات الكفار ويذمهم عليه ويبرئ المؤمنين منه قال: " والذين آمنوا مشفقون منها " الشورى: 18 وقد مرت الإشارة إليه في البيان المتقدم هذا إذا كان الخطاب في قوله فلا تستعجلوه للمؤمنين وأما إذا كان المخاطب به المشركين وهم كانوا يستعجلونه فمعنى النهى عن استعجالهم هو حلول الاجل وقرب الوقوع لا الامهال والانظار ولا معنى حينئذ لسكونهم لما سمعوا قوله فلا تستعجلوه.
واما الرواية الثانية فظاهرها انهم فهموا منها العذاب الدنيوي دون الساعة فهى تؤيد ما قدمناه في البيان لا ما ذكروه.
واما الرواية الثالثة فأقصى ما تدل عليه ان قيام الساعة من مصاديق اتيان أمر الله ولا ريب في ذلك وهو غير كون المراد بالامر في الآية هو الساعة.
وفي كتاب الغيبة للنعماني باسناده عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام: في قوله عز وجل: " اتى أمر الله فلا تستعجلوه قال هو أمرنا أمر الله عز وجل فلا يستعجل به يؤيده بثلاثة أجناد الملائكة والمؤمنون والركب وخروجه كخروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك قوله كما أخرجك ربك من بيتك بالحق.
أقول ورواه المفيد في كتاب الغيبة عن عبد الرحمان عنه عليه السلام ومراده
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست