تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٩
بعد لأغوينهم أجمعين مشعر بأن آباءه عن السجدة نوع خصومة وعداوة منه لهذا النوع آخذا من آدم إلى آخر من سيولد ويعيش من ذريته.
فكأنه عليه اللعنة فهم من قوله تعالى: " وان عليك اللعنة إلى يوم الدين ان له شأنا مع النوع الانساني إلى يوم القيامة وان لشقائهم وفساد أعمالهم ارتباطا به من حيث امتنع عن السجود ولذلك سأل النظرة إلى يوم يبعثون مفرعا ذلك على اللعنة المجعولة عليه فقال رب فانظرني إلى يوم يبعثون ولم يقل رب انظرني إلى يوم يبعثون ولم يقل انظرني إلى يوم يموت آدم أو انظرني ما دام حيا يعيش بل ذكر آدم وبنيه جميعا وطلب النظرة إلى يوم يبعثون مفرعا ذلك على اللعنة إلى يوم الدين فلما أجيب إلى ما سأل ابدى ما في كمون ذاته وقال لأغوينهم أجمعين.
قوله تعالى: " قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم جواب منه سبحانه لإبليس وفيه إجابة ورد اما الإجابة فبالنسبة إلى أصل الانظار الذي سأله واما الرد فبالنسبة إلى القيد وهو ان يكون الانظار إلى يوم يبعثون فان من الواضح اللائح بالنظر إلى سياق الآيتين ان يوم وقت المعلوم غير يوم يبعثون فلم يسمح له بانظاره إلى يوم يبعثون بل إلى يوم هو غيره ولا محالة هو قبل يوم البعث.
وبذلك يظهر فساد قول من قال إنه لعنه الله أجيب إلى ما سال واليومان في الآيتين واحد ومن الدليل عليه قوله في سورة الأعراف في القصة: " قال إنك من المنظرين " الآية: 15 من غير أن يقيد بشئ.
اما فساد دعواه اتحاد اليومين في الآيتين فقد ظهر مما تقدم واما فساد الاستدلال باطلاق آية الأعراف فلانها تتقيد بما في هذه السورة وسورة ص من التقييد بقوله إلى يوم الوقت المعلوم وهذا كثير شائع في كلامه تعالى والقرآن يشهد بعضه على بعض وينطق بعضه ببعض.
وظاهر يوم الوقت المعلوم انه وقت تعين في العلم الإلهي نظير قوله: " وما ننزله إلا بقدر معلوم " الحجر: 21 وقوله: " أولئك لهم رزق معلوم " الصافات: 41 فهو معلوم عند الله قطعا واما انه معلوم لإبليس أو مجهول عنده فغير معلوم من اللفظ وقول بعضهم انه سبحانه أبهم اليوم ولم يبين فهو معلوم لله غير معلوم لإبليس لان في
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست