تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٦
من طين: ص: 76 بالتصريح.
وقد تقدم كلام في معنى السجود لآدم وامر الملائكة وإبليس بذلك وائتمارهم وتمرده عنه نافع في هذا الباب في تفسير سورتي البقرة والأعراف من هذا الكتاب.
قوله تعالى: " فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " الرجيم فعيل بمعنى المفعول من الرجم وهو الطرد وشاع استعماله في الطرد بالحجارة والحصاة واللعن هو الطرد والابعاد من الرحمة.
ومن هنا يظهر ان قوله وان عليك اللعنة الخ بمنزلة البيان لقوله فإنك رجيم فان الرجم كان سببا لخروجه من بين الملائكة من السماء أو من المنزلة الإلهية وبالجملة من مقام القرب وهو مستوى الرحمة الخاصة الإلهية فينطبق على الابعاد من الرحمة وهو اللعن وقد نسب سبحانه هذه اللعنة المجعولة على إبليس في موضع آخر إلى نفسه فقال: " وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين " ص: 58 وقيدها في الآيتين جميعا بقوله إلى يوم الدين.
اما جعل مطلق اللعنة عليه في قوله عليك اللعنة فلان اللعن يلحق المعصية وما من معصية إلا ولإبليس فيه صنع بالاغواء والوسوسة فهو الأصل الذي يرجع إليه كل معصية وما يلحقها من لعن حتى في عين ما يعود إلى اشخاص العصاة من اللعن والوبال وتذكر في ذلك ما تقدم في ذيل قوله تعالى: " ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه فيجعله في جهنم " الأنفال: 37 في الجزء التاسع من الكتاب.
على أنه لعنه الله أول فاتح فتح باب معصية الله وعصاه في امره فإليه يعود وبال هذا الطريق بسالكيه ما سلكوا فيه.
واما جعل لعنته خاصة عليه في قوله عليك لعنتي فلان الابعاد من الرحمة بالحقيقة انما يؤثر اثره إذا كان منه تعالى إذ لا يملك أحد من رحمته اعطاء ومنعا الا باذنه فإليه يعود حقيقة الاعطاء والمنع.
على أن اللعن من غيره تعالى بالحقيقة دعاء عليه بالابعاد من الرحمة واما نفس
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست