تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٠
قوله تعالى: " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " لم يبين سبحانه في شئ من صريح كلامه ما هو المراد بهذه الأبواب أهي كأبواب الحيطان مداخل تهدى الجميع إلى عرصة واحدة أم هي طبقات ودركات تختلف في نوع العذاب وشدته؟
وكثيرا ما يسمى في الأمور المختلفة الأنواع كل نوع بابا كما يقال أبواب الخير وأبواب الشر وأبواب الرحمة قال تعالى: " فتحنا عليهم أبواب كل شئ " الانعام: 44 وربما سمى أسباب الشئ وطرق الوصول إليه أبوابا كأبواب الرزق لأنواع المكاسب والمعاملات.
وليس من البعيد ان يستفاد المعنى الثاني من متفرقات آيات النار كقوله تعالى: " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها " إلى أن قال: " قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها " الزمر: 72 وقوله: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " النساء 145 إلى غير ذلك من الآيات.
ويؤيده قوله لكل باب منهم جزء مقسوم فان ظاهره ان نفس الجزء مقسوم موزع على الباب وهذا انما يلائم الباب بمعنى الطبقة دون الباب بمعنى المدخل واما تفسير بعضهم الجزء المقسوم بالفريق المعين المفروز من غيره فوهنه ظاهر.
وعلى هذا فكون جهنم لها سبعة أبواب هو كون العذاب المعد فيها متنوعا إلى سبعة أنواع ثم انقسام كل نوع اقساما حسب انقسام الجزء الداخل الماكث فيه وذلك يستدعى انقسام المعاصي الموجبة للدخول فيها سبعة اقسام وكذا انقسام الطرق المؤدية والأسباب الداعية إلى تلك المعاصي ذاك الانقسام وبذلك يتأيد ما ورد من الروايات في هذه المعاني كما سيوافيك إن شاء الله.
قوله تعالى: " ان المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين " أي انهم مستقرون في جنات وعيون يقال لهم ادخلوها بسلام لا يوصف ولا يكتنه نعته في حال كونكم آمنين من كل شر وضر.
لما ذكر سبحانه قضاءه فيمن اتبع إبليس من الغاوين ذكر ما قضى به في حق المتقين من الجنة وقد ورد تفسير التقوى في كلامه صلى الله عليه وآله وسلم بالورع عن محارم الله وقد تكرر في كلامه تعالى بشراهم بالجنة فيكون المتقون أعم من المخلصين.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست