تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٥٥
تفسير قوله تعالى: " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات " البقرة: 154 في الجزء الأول من الكتاب ونرجو ان نستوفي هذا البحث في ذيل قوله: " قل الروح من أمر ربي " الآية 85 من سورة اسرى إن شاء الله وإضافة الروح إليه تعالى في قوله: " من روحي " للتكرمة والتشريف من الإضافة اللامية المفيدة للملك وقوله: " فقعوا له ساجدين " أي اسجدوا ولا يبعد ان يفهم منه ان خروا على الأرض ساجدين له فيفيد التأكيد في الخضوع من الملائكة لهذا المخلوق الجديد كما قيل ومعنى الآية فإذا عدلت تركيبه وأتممت صنع بدنه وأوجدت الروح الكريم المنسوب إلي الذي اربط بينه وبين بدنه فقعوا وخروا على الأرض ساجدين له قوله تعالى: " فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين " لفظة أجمعون تأكيد بعد تأكيد لتشديده والمراد أن الملائكة سجدوا له بحيث لم يبق منهم أحد وقد استثنى من ذلك إبليس ولم يكن منهم لقوله تعالى: " كان من الجن ففسق عن أمر ربه " الكهف: 50 واما قول من قال: ان طائفة من الملائكة كانوا يسمون الجن وكان إبليس منهم أو ان الجن بمعنى الستر فيعم الملائكة وغيرهم فمما لا يصغى إليه وقد تقدم في تفسير سورة الأعراف كلام في معنى شمول الامر بالسجود لإبليس مع عدم كونه من الملائكة ومعنى الآيتين ظاهر قوله تعالى: " قال يا إبليس ما لم أن لا تكون مع الساجدين " ما لك مبتدأ وخبر اي ما الذي هو كائن لك؟ وقوله: " ان لا تكون " من قبيل نزع الخافض والتقدير في أن لا تكون مع الساجدين وهم الملائكة ومحصل المعنى ما بالك لم تسجد؟
قوله تعالى: " قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حماء مسنون " في التعبير بقوله لم أكن لأسجد دون ان يقول لا اسجد أو لست اسجد دلالة على أن الاباء على السجدة مقتضى ذاته وكان هو المترقب منه لو اطلع على جوهره فتفيد الآية بالكناية ما يفيده قوله في موضع آخر: " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست