تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٦٥
وثانيا: ان المراد بقوله: " ولا يزالون مختلفين " دوامهم على الاختلاف في الدين ومعناه التفرق عن الحق وستره بتصويره في صور متفرقة باطلة تشبه الحق. وقال بعضهم:
هو الاختلاف في الأرزاق والأحوال وبالجملة الاختلاف غير الديني ونسب إلى الحسن. وقد عرفت انه أجنبي من سياق الآيات السابقة. وقال آخرون: ان معنى " يختلفون " يخلف بعضهم بعضا في تقليد أسلافهم وتعاطى باطلهم، وهو كسابقه أجنبي من مساق الآيات وفيها قوله: " ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه " الآية.
وثالثا: ان المراد بقوله: " الا من رحم " الا من هداه الله من المؤمنين.
ورابعا: ان الإشارة بقوله: " ولذلك خلقهم " إلى الرحمة وهى الغاية التي أرادها الله من خلقه ليسعدوا بذلك سعادتهم. وذكر بعضهم. ان المعنى خلقهم للاختلاف ونسب إلى الحسن وعطاء. وقد عرفت انه سخيف ردى جدا نعم لو جاز عود ضمير " خلقهم " إلى الباقي من الناس بعد الاستثناء جاز عد الاختلاف غاية لخلقهم وكانت الآية قريبة المضمون من قوله: " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس " الآية الأعراف: 179.
وذكر آخرون: ان الإشارة إلى مجموع ما يدل عليه الكلام من مشيته تعالى في خلقهم مستعدين للاختلاف والتفرق في علومهم ومعارفهم وآرائهم وشعورهم وما يتبع ذلك من ارادتهم واختيارهم في أعمالهم ومن ذلك الدين والايمان والطاعة والعصيان، وبالجملة الغاية هو مطلق الاختلاف أعم مما في الدين أو في غيره.
ونسب إلى ابن عباس بناء على ما روى عنه انه قال: خلقهم فريقين فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم فيختلف، وإلى مالك بن انس إذ قال في معنى الآية: خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير، وقد عرفت ما فيه من وجوه السخافة فلا نطيل بالإعادة.
وخامسا: ان المراد بتمام الكلمة هو تحققها واخذها مصداقها.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست