تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٥٩
ثم تجهزوا ثانيا وسافروا إلى مصر ومعهم بنيامين ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه وعرفه نفسه وقال انى انا أخوك وأخبره انه يريد ان يحبسه عنده فعليه ان لا يبتئس بما سيشاهده من الكيد.
ولما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه فاذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى السارق فيما بيننا فبدا بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه ثم أمر بالقبض عليه واسترقه بذلك.
فراجعه اخوته في اطلاقه حتى سألوه ان يأخذ أحدهم مكانه رحمة بأبيه الشيخ الكبير فلم ينفع فرجعوا إلى أبيهم آئسين غير أن كبيرهم قال لهم ألم تعلموا ان اباكم قد اخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين فبقى بمصر وساروا.
فلما رجعوا إلى أبيهم وقصوا عليه القصص قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا ثم تولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم فلما لاموه على حزنه الطويل ووجده ليوسف قال انما أشكوا بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون ثم قال لهم يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله فانى ارجوا ان تظفروا بهما.
فسار نفر منهم إلى مصر واستأذنوا على يوسف فلما شخصوا عنده تضرعوا إليه واسترحموه في أنفسهم وأهلهم وأخيهم الذي استرقه قائلين يا أيها العزيز قد مسنا وأهلنا الضر بالجدب والسنة وجئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل وتصدق علينا بأخينا الذي تملكته بالاسترقاق ان الله يجزى المتصدقين.
وعند ذلك حقت كلمته تعالى ليعزن يوسف بالرغم من استذلالهم له وليرفعن قدره وقدر أخيه وليضعن الباغين الحاسدين لهما فأراد يوسف ان يعرفهم نفسه وقال لهم هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون؟ قالوا أإنك لانت يوسف؟ قال انا
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست