وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه - (فاستأذن جبرئيل في هلاكهم فاذن له فاحتمل الأرض التي كانوا عليها، وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صغاء كلابهم وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم فسمعت امرأة لوط الوجبة وهى معهم فالتفتت فأصابها العذاب، وتبعت سفارهم الحجارة) الحديث.
وأما من التابعين فقد روى هذا المعنى عن سعيد بن جبير ومجاهد وأبى صالح ومحمد بن كعب القرظي وعن السدى ما هو أغلظ من ذلك قال: (لما أصبحوا نزل جبرئيل فاقتلع الأرض من سبع أرضين فحملها حتى بلغ السماء الدنيا ثم أهوى بها جبرئيل إلى الأرض) الحديث.
وأما ما ذكره من أنه (يشترط في قبول الرواية أن تكون منقولة بالتواتر عن المعصوم أو بسند صحيح متصل الاسناد لا شذوذ فيه ولا علة) فمسألة أصولية، والذي استقر عليه النظر اليوم في المسألة إن الخبر إن كان متواترا أو محفوفا بقرينة قطعية فلا ريب في حجيتها، وأما غير ذلك فلا حجية فيه إلا الأخبار الواردة في الأحكام الشرعية الفرعية إذا كان الخبر موثوق الصدور بالظن النوعي فإن لها حجية.
وذلك أن الحجية الشرعية من الاعتبارات العقلائية فتتبع وجود أثر شرعي في المورد يقبل الجعل والاعتبار الشرعي والقضايا التاريخية والأمور الاعتقادية لا معنى لجعل الحجية فيها لعدم أثر شرعي ولا معنى لحكم الشارع بكون غير العلم علما وتعبيد الناس بذلك، والموضوعات الخارجية وإن أمكن أن يتحقق فيها أثر شرعي إلا أن آثارها جزئية والجعل الشرعي لا ينال إلا الكليات وليطلب تفصيل القول في المسألة من علم الأصول.
وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله لوطا إن كان ليأوى إلى ركن شديد.
أقول: مقتضى المقام الذي كان يجارى فيه لوط قومه ويأمرهم بتقوى الله والاجتناب عن الفجور، وظاهر سياق الآيات الحاكية للمشاجرة بينه وبين قومه أن لوطا إنما كان يتمنى أنصارا أولى رشد من بين قومه أو من غيرهم فقوله: (أو آوى إلى ركن شديد) يريد به أنصارا من غير القوم من عشيرة أو أخلاء وأصدقاء في الله