والمناطيد التي تخلق في الجو تصل إلى حيث يخف ضغط الهواء ويستحيل حياة الناس فيها، وهم يصنعون انواعا منها يصنعون فيها من اكسجين الهواء ما يكفي استنشاقه وتنفسه للحياة في طبقات الجو العليا ويصعدون فيها.
وقد أشير في الكتاب العزيز إلى ما يكون للتصعيد في جو السماء من التأثير في ضيق الصدر من عسر التنفس بقوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء).
فإن قيل: إن هذا الفعل المروى عن جبرئيل من الممكنات العقلية وكان وقوعه من خوارق العادات فلا يصح ان يجعل تصديقه موقوفا على ما عرف من سنن الكائنات.
قلت: نعم ولكن الشرط الأول لقبول الرواية في أمر جاء على غير السنن والنواميس التي أقام الله بها نظام العالم من عمران وخراب ان تكون الرواية عن وحى إلهي نقل بالتواتر عن المعصوم أو بسند صحيح متصل الاسناد لا شذوذ فيه ولا عله على الأقل، ولم يذكر في كتاب الله تعالى، ولم يرد فيه حديث مرفوع إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تظهر حكمة الله فيه، وإنما روى عن بعض التابعين دون الصحابة. ولا شك أنه من الإسرائيليات.
ومما قالوه فيها: أن عدد أهلها كان أربعة آلاف الف وبلاد فلسطين كلها لا تسع هذا العدد، فأين كان هؤلاء الملايين يسكنون من تلك القرى الأربع؟ انتهى.
والذي ذكره أن الحديث إنما روى عن التابعين دون الصحابة فإنه أن هذا المعنى مروى عن ابن عباس وعن الحذيفة بن اليمان، ففي رواية ابن عباس - كما في الدر المنثور عن إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عنه - (فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ونسائها وثمارها وطيرها فحواها وطواها ثم قلعها من تخوم الثرى ثم احتملها تحت جناحه ثم رفعها إلى السماء الدنيا فسمع سكان سماء الدنيا أصوات الكلاب والطير والنساء والرجال من تحت جناح جبرئيل ثم أرسلها منكوسة ثم أتبعها بالحجارة، وكانت الحجارة للرعاة والتجار ومن كان خارجا عن مدائنهم) الحديث.
وفي رواية حذيفة بن اليمان - على ما في الدر المنثور عن عبد الرزاق وابن جرير