أخذ العصا ثم قال: ضعني في الأرض فوضعه فمشى إليه فضربه فشجه موضحة في رأسه وسالت الدماء.
قال نوح عليه السلام: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم، وإن يكن غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن قال: يا نوح إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون يعنى لا تحزن عليهم واصنع الفلك. قال: يا رب وما الفلك؟ قال:
بيت من خشب يجرى على وجه الماء فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضى منهم.
قال: يا رب وأين الماء؟ قال: إني على ما أشاء قدير.
وفي الكافي بإسناده عن المفضل قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالكوفة أيام قدم على أبى العباس فلما انتهينا إلى الكناسة قال: ههنا صلب عمى زيد رحمه الله، ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين وهو آخر السراجين فنزل وقال: انزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي كان خطه آدم وأنا أكره أن أدخله راكبا.
قلت: فمن غيره عن خطته؟ قال، أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان ثم غيره بعد زياد بن أبي سفيان فقلت:
وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح؟ فقال لي: نعم يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربي الكوفة.
قال: وكان نوح رجلا نجارا فجعله الله عز وجل نبيا وانتجبه، ونوح أول من عمل سفينة تجرى على ظهر الماء. قال: ولبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤون به ويسخرون منه فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا، فأوحى الله عز وجل إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده، فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها.
قال المفضل: ثم انقطع حديث أبي عبد الله عليه السلام عند زوال الشمس فقام