من ذراريهم إلى يوم القيامة، وهو يتضمن تقدير حياتهم الأرضية والاذن في نزولهم إليها واستقرارهم فيها وإيوائهم إياها.
وقد قسم الله هؤلاء المأذون لهم قسمين فعبر عن إذنه لطائفة منهم بالسلام والبركات وهم نوح عليه السلام وأمم ممن معه، ولطائفة أخرى بالتمتيع، وعقب التمتيع بمس العذاب لهم كما كلمتي السلام والبركات لا تخلوان من بشرى الخير والسعادة بالنسبة إلى من تعلقتا به.
فقد بان من ذلك أن الخطاب بالهبوط في هذه الآية مع ما يرتبط به من سلام وبركات وتمتيع موجه إلى عامة البشر من حين هبوط أصحاب السفينة إلى يوم القيامة، ووزانه وزان خطاب الهبوط الموجه إلى آدم وزوجته عليهما السلام، وفي هذا الخطاب إذن في الحياة الأرضية ووعد لمن أطاع الله سبحانه ووعيد لمن عصاه كما أن في ذلك الخطاب ذلك طابق النعل بالنعل.
وظهر بذلك أن المراد بقوله: (وعلى أمم ممن معك) الأمم الصالحون من أصحاب السفينة ومن سيظهر من نسلهم من الصالحين، والظاهر على هذا أن يكون (من) في قوله (ممن معك) ابتدائية لا بيانية، والمعنى وعلى أمم يبتدى تكونهم ممن معك، وهم أصحاب السفينة والصالحون من نسلهم.
وظاهر هذا المعنى أن يكون أصحاب السفينة كلهم سعداء ناجين، والاعتبار يساعد ذلك فإنهم قد محصوا بالبلاء تمحيصا وآثروا ما عند الله من زلفى وقد صدق الله سبحانه إيمانهم مرتين في أثناء القصة حيث قال عز من قائل: (إلا من قد آمن) آية: 36 من السورة، وقال: (ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) آية: 40 من السورة.
وقوله: (وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم) كأنه مبتدء لخبر محذوف والتقدير: وممن معك أمم أو وهناك أمم سنمتعهم الخ، وقد أخرجهم الله سبحانه من زمرة المخاطبين بخطاب الاذن فلم يقل: ومتاع لأمم آخرين سيعذبون طردا لهم من موقف الكرامة، فأخبر أن هناك أمما آخرين سنمتعهم ثم نعذبهم وهم غير مأذون لهم في التصرف في أمتعة الحياة إذن كرامة وزلفى.
وفي الآية جهات من تعظيم القائل لا تخفى كالبناء للمفعول في (قيل) وتخصيص نوح