تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٩٩
خوف من الحشر في قلبه إذا ذكر بآيات الله سواء كان ممن يؤمن بالحشر كالمؤمنين من أهل الكتاب أو ممن لا يؤمن به كالوثنيين وغيرهم لكنه يحتمله فيغشى الخوف نفسه بالاحتمال أو المظنة فإن الخوف من شئ يتحقق بمجرد احتمال وجوده وإن لم يوقن بتحققه.
وقد اختلفت أنظار المفسرين في الآية فمن قائل: إن الآية نزلت في المؤمنين القائلين بالحشر، وأنهم هم الذين عنوا في الآية التالية: (بقوله ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) ومن قائل إنها نزلت في طائفة من المشركين الوثنيين يجوزون الحشر بعد الموت وإن لم يثبت وجود القائل بهذا القول بين مشركي مكة أو العرب يوم نزول السورة مع كون خطابات السورة متوجهة إلى المشركين من قريش أو العرب بحسب السياق.
ومن قائل: إن المراد بهم كل معترف بالحشر من مسلم أو كتابي، وإنما خص هؤلاء المعترفون بالامر بالانذار مع أن وجوب الانذار عام لجميع الخلق لان الحجة أوجب عليهم لاعترافهم بالمعاد.
لكن الآية لم تأخذ في وصفهم إلا الخوف من الحشر، ولا يتوقف الخوف من الشئ على العلم بتحققه ولا الاعتراف بوجوده بل الشك - وهو الاحتمال المتساوي طرفاه - والمظنة وهى الادراك الراجح على ما له من المراتب يجامع الخوف كالعلم وهو ظاهر.
فالآية إنما تحرض النبي صلى الله عليه وآله على إنذار كل من شاهد في سيماه علائم الخوف من أي طائفة كان لان بناء الدعوة الدينية على أساس الحشر وإقامة المحاسبة على السيئة والحسنة والمجازاة عليهما، وأدنى ما يرجى من تأثير الدعوة الدينية في واحد أن يجوزه فيخافه، وكلما ازداد احتمال وقوعه ازداد الخوف وقوى التأثير حتى يتلبس باليقين وينتفى احتمال الخلاف بالكلية، فهناك التأثير التام.
قوله تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) إلى آخر الآية ظاهر السياق على ما يؤيده ما في الآية التالية: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) الخ، أن المشركين من قومه صلى الله عليه وآله اقترحوا عليه أن يطرد عن نفسه الضعفاء المؤمنين به فنهاه الله تعالى في هذة الآية عن ذلك.
وذلك منهم نظير ما اقترحه المستكبرون من سائر الأمم من رسلهم أن يطردوا عن أنفسهم الضعفاء والفقراء من المؤمنين استكبارا وتعززا، وقد حكى الله تعالى ذلك
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346