تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٧٢
على اقتراحها تعرض منهم لهلاك جمعهم وقطع دابرهم، والدليل على أن هذا المعنى منظور إليه بوجه في الكلام، قوله تعالى في ذيل هذه الاحتجاجات، قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الامر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين) (الانعام ك: 58).
وفي قوله تعالى: (نزل) و (ينزل) مشددين من التفعيل دلالة على أنهم اقترحوا آية تدريجية أو آيات كثيرة تنزل واحدة بعد واحدة كما يدل عليه ما حكى من اقتراحهم في موضع آخر من كلامه تعالى كقوله: (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة - إلى أن قال - أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) الآيات (الاسراء: 93)، وقوله: (وقال الذين لا يرجون لقائنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا) (الفرقان: 21) وقوله: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) (الفرقان: 32).
وروى عن ابن كثير أنه قرأ بالتخفيف.
قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) إلى آخر الآية، الدابة كل حيوان يدب على الأرض وقد كثر استعماله في الفرس، والدب بالفتح والدبيب هو المشي الخفيف.
والطائر ما يسبح في الهواء بجناحيه، وجمعه الطير كالراكب والركب، والأمة هي الجماعة من الناس يجمعهم مقصد واحد يقصدونه كدين واحد أو سنة واحدة أو زمان واحد أو مكان واحد، والأصل في معناها، القصد يقال: أم يؤم إذا قصد، والحشر جمع الناس بإزعاج إلى الحرب أو جلاء ونحوه من الأمور الاجتماعية. والظاهر أن توصيف الطائر بقوله: (يطير بجناحيه) محاذاة لتوصيف الدابة بقوله: (في الأرض) فهو بمنزلة قولنا: ما من حيوان أرضي ولا هوائي، مع ما في هذا التوصيف من نفى شبهة التجوز فإن الطيران كثيرا ما يستعمل بمعنى سرعة الحركة كما أن الدبيب هو الحركة الخفيفة فكان من المحتمل أن يراد بالطيران حيث ذكر مع الدبيب الحركة السريعة فدفع ذلك بقوله: (يطير بجناحيه).
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346