(ولو ترى) وهو أنهم سيصدقون بما جحدوه، ويعترفون بما أنكروه بقولهم: (وما نحن بمبعوثين) إذ يوقفون على ربهم فيشاهدون عيانا هذا الموقف الذي أخبروا به في الدنيا، وهو أنهم مبعوثون بعد الموت فيعترفون بذلك بعد ما أنكروه في الدنيا.
ومن هنا يظهر أن لله سبحانه فسر البعث في قوله: (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) بلقاء الله، ويؤيده أيضا قوله في الآية التالية: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة) الخ، حيث بدل الحشر والبعث والقيامة المذكورات في سابق الكلام لقاء ثم ذكر الساعة أي ساعة اللقاء.
وقوله: (أليس هذا) أي أليس البعث الذي أنكرتموه في الدنيا وهو لقاء الله (بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) به وتسترونه.
قوله تعالى: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) إلى آخر الآية، قال في المجمع:
كل شئ أتى فجأه فقد بغت يقال: بغتة الامر يبغته بغتة انتهى، وقال الراغب في المفردات: الحسر كشف الملبس عما عليه يقال: حسرت عن الذراع، والحاسر من لا درع عليه ولا مغفر، والمحسرة المكنسة - إلى أن قال - والحاسر المعيا لانكشاف قواه - إلى أن قال - والحسرة الغم على ما فاته والندم عليه كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه أو انحسر قواه من فرط غم أو أدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه.
انتهى موضع الحاجة.
وقال: الوزر (بفتحتين) الملجأ الذي يتلجأ إليه من الجبل، قال: (كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر) والوزر (بالكسر فالسكون) الثقل تشبيها بوزر الجبل، ويعبر بذلك عن الاثم كما يعبر عنه بالثقل، قال (ليحملوا أوزارهم كاملة) الآية كقوله:
(وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)، انتهى.
والآية تبين تبعة أخرى من تبعات إنكارهم البعث وهو أن الساعة سيفاجئهم فينادون بالحسرة على تفريطهم فيها ويتمثل لهم أوزارهم وذنوبهم وهم يحملونها على ظهورهم وهو أشق أحوال الانسان وأردؤها ألا ساء ما يزرون ويحملونه من الثقل أو من الذنب أو من وبال الذنب.