والحجة من طريق النشأة الدنيا ما في قوله: (وهو الذي جعلكم خلائف) الخ، ومحصله أن هذا النظام العجيب الذي يحكم في معاشكم في الحياة الدنيا وهو مبنى على خلافتكم في الأرض واختلاف شؤونكم بالكبر والصغر والقوة والضعف والذكورية والأنوثية والغنى والفقر والرئاسة والمرؤوسية والعلم والجهل وغيرها وإن كان نظاما اعتباريا لكنه ناش من عمل التكوين منته إليه فالله سبحانه هو ناظمه، وإنما فعل ذلك لامتحانكم وابتلائكم فهو الرب الذي يدبر أمر سعادتكم، ويوصل من إطاعة إلى سعادته المقدرة له ويذر الظالمين فيها جثيا، فهو الذي يحق عبادته.
وقد تبين بما مر أن مجموع الجملتين: (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) سيق لإفادة معنى واحد وهو أن ما كسبته نفس يلزمها ولا بتعداها، وهو مفاد قوله: (كل نفس بما كسبت رهينة) (المدثر: 38).
قوله تعالى: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) الخلائف جمع خليفة أي يستخلف بعضكم بعضا أو استخلفكم لنفسه في الأرض وقد مر كلام في معنى هذه الخلافة في تفسير قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) (البقرة: 30) في الجزء الأول من الكتاب، ومعنى الآية ظاهر بما مر من البيان، وقد ختمت السورة بالمغفرة والرحمة.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (حنيفا مسلما) قال: خالصا مخلصا ليس فيه شئ من عبادة الأوثان.
أقول: ورواه في البرهان البرقي بإسناده عن ابن مسكان عنه صلى الله عليه وآله وسلم وفيه: (خالصا مخلصا لا يشوبه شئ) وهو بيان المراد لا تفسير بالمعنى.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يقول: درجة واحدة إن الله يقول: درجات بعضها فوق بعض، إنما تفاضل القوم بالاعمال.
أقول: وهو من نقل الآية بالمعنى فإن الآية هكذا: (ورفع بعضكم فوق بعض