- ما اختلف الذين أوتوه إلا بغيا بينهم - والانشعابات المذهبية ليسوا على طريقتك التي بنيت على وحدة الكلمة ونفى الفرقة إنما أمرهم في هذا التفريق إلى ربهم لا يماسك منهم شئ فينبئهم يوم القيامة بما كانوا يفعلون ويكشف لهم حقيقة أعمالهم التي هم رهناؤها.
وقد تبين بما مر أن لا وجه لتخصيص الآية بتبرئته صلى الله عليه وآله وسلم من المشركين أو منهم ومن اليهود والنصارى، أو من المختلفين بالمذاهب والبدع من هذه الأمة فالآية عامة تعم الجميع.
قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) الآية تامة في نفسها تكشف عن منة إلهية يمتن بها على عباده إنه يجازى الحسنة بعشر أمثالها، ولا يجازى السيئة إلا بمثلها أي يحسب الحسنة عشرة والسيئة واحدة ولا يظلم في الايفاء فلا ينقص من تلك ولا يزيد في هذه، إن أمكن أن يزيد في جزاء الحسنة فيزيد على العشر كما يدل عليه قوله: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء) (البقرة:
261) وأمكن أن يعفو عن السيئة فلا يحسب حق المثل الواحد.
لكنها أعني الآية باتصالها بما تقدمها وانتظامها معها في سياق واحد تفيد معنى آخر كأنه قيل بعد سرد الكلام في الآيات السابقة في الاتفاق والاجتماع على الحق والتفرق فيه: فهاتان خصلتان حسنة وسيئة يجزى فيهما ما يماثلهما ولا ظلم فإن الجزاء يماثل العمل فمن جاء بالحسنة فله مثلها ويضاعف له ومن جاء بالسيئة وهى الاختلاف المنهى عنه فلا يجزى إلا سيئة مثلها ولا يطمعن في الجزاء الحسن، وعاد المعنى إلى نظير ما استفيد من قوله: (وجزاء سيئة سيئه مثلها) (الشورى: 40) أن المراد به بيان مماثلة جزاء السيئة لها في كونها سيئة لا يرغب فيها لا إثبات الوحدة ونفى المضاعفة.
(بحث روائي) في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام في قوله: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) قال: طلوع الشمس من المغرب وخروج الدابة والدخان، والرجل يكون مصرا ولم يعمل عمل الايمان ثم تجئ الآيات فلا ينفعه إيمانه.