مسلمين لك) (البقرة: 128) وعن لوط في قوله: (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) (الذاريات: 36) وعن ملكة سبأ في قوله: (وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين) (النمل: 42) أن كان مرادها الاسلام لله. وقولها: (وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) (النمل: 44) ولم ينعت بأول المسلمين أحد في القرآن إلا ما يوجد في هذه الآية من أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يخبر قومه بذلك، وما في سورة الزمر من قوله: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لان أكون أول المسلمين) (الزمر: 12).
وربما قيل: إن المراد أول المسلمين من هذه الأمة فان إبراهيم كان أول المسلمين ومن بعده تابع له في الاسلام، وفيه أن التقييد لا دليل عليه، وأما كون إبراهيم أول المسلمين فيدفعه ما تقدم من الآيات المنقولة.
وأما قوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل في دعائهما: (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) (البقرة: 128) وقوله ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) (الحج: 78) فلا دلالة فيهما على شئ.
قوله تعالى: (قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شئ) الخ، هذه الآية والتي بعدها تشتملان على حجج ثلاث هي جوامع الحجج المذكورة في السورة للتوحيد، وهى الحجة من طريق بدء الخلقة، والحجة من طريق عودها، والحجة من حال الانسان وهو بينهما وبعبارة أخرى الحجة من نشأة الحياة الدنيا والنشأة التي قبلها والتي بعدها.
فالحجة من طريق البدء ما في قوله: (أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شئ) ومن المعلوم أنه إذا كان رب كل شئ كان كل شئ مربوبا له فلا رب غيره على الاطلاق يصلح أن يعبد.
والحجة من طريق العود ما يشتمل عليه قوله: (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) إلى آخر الآية، أي أن كل نفس لا تعمل عملا ولا تكسب شيئا إلا حمل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى حتى يحمل ما اكتسبته نفس على غيرها ثم المرجع إلى الله وإليه الجزاء بالكشف عن حقائق أعمال العباد، وإذا كان لا محيص عن الجزاء وهو المالك ليوم الدين فهو الذي تتعين عبادته لا غيره ممن لا يملك شيئا.