تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٤
التطرف بالشرك إلى اعتدال التوحيد وما كان من المشركين، وقد تقدم توضيح هذه المعاني في تفسير الآيات السابقة من السورة.
قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله - إلى قوله - أول المسلمين) النسك مطلق العبادة، وكثر استعماله في الذبح أو الذبيحة تقربا إلى الله سبحانه.
أمره صلى الله عليه وآله وسلم ثانيا أن يخبرهم بأنه عامل بما هداه الله إليه متلبس به كما أنه مأمور بذلك ليكون أبعد من التهمة عندهم وأقرب إلى تلقيهم بالقبول فإن من إمارة الصدق أن يعمل الانسان بما يندب إليه، ويطابق فعله قوله.
فقال: قل: إنني جعلت صلاتي ومطلق عبادتي - واختصت الصلاة بالذكر استقلالا لمزيد العناية بها منه تعالى - ومحياي بجميع ما له من الشؤون الراجعة إلى من أعمال وأوصاف وأفعال وتروك، ومماتي بجميع ما يعود إلى من أموره وهى الجهات التي ترجع منه إلى الحياة - كما قال: كما تعيشون تموتون - جعلتها كلها لله رب العالمين من غير أن أشرك به فيها أحدا فأنا عبد في جميع شؤوني في حياتي ومماتي لله وحده وجهت وجهي إليه لا أقصد شيئا ولا أتركه إلا له ولا أسير في مسير حياتي ولا أرد مماتي إلا له فإنه رب العالمين، يملك الكل ويدبر أمرهم.
وقد أمرت بهذا النحو من العبودية، وأنا أول المسلمين لله فيما أراده من العبودية التامة في كل باب وجهة.
ومن هنا يظهر أن المراد بقوله: (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله) إظهار الاخلاص العبودي أو إنشاؤه فيما يرجع إليه من شؤون العبادة والحياة والموت دون الاخبار عن الاخلاص في العبادة والاعتقاد بأن مالك الموت والحياة هو الله تعالى، والدليل على ما ذكرنا قوله: (وبذلك أمرت) فظاهر إنه أمر بجعل الجميع لله سبحانه بمعنى واحد لا بجعل الأولين له إخلاصا وتسليما والاعتقاد بأن الأخيرين له إلا بتكلف.
وفي قوله: (وإنا أول المسلمين) دلاله على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أول الناس من حيث درجه الاسلام ومنزله فإن قبله زمانا غيره من المسلمين، وقد حكى الله سبحانه ذلك عن نوح إذ قاو: وأمرت أن أكون من المسلمين) (يونس: 72) وعن إبراهيم في قوله: (أسلمت لرب العالمين) (البقرة: 131) وعنه وعن أبنه إسماعيل في قولهما: (ربنا واجعلنا
(٣٩٤)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الصّلاة (1)، الذبح (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346