تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٣
فمعنى الآية: ويوم يحشرهم جميعا ليتم أمر الحجاج عليهم فيقول للجن: يا معشر الجن قد استكثرتم من ولاية الانس وإغوائهم، وقال أولياؤهم من الانس في الاعتراف بحقيقة الامر: ربنا استمتع بعضنا ببعض فاستمتعنا معشر الانس من الجن بأن تمتعنا بزخارف الدنيا وما تهواه أنفسنا بتسويلاتهم، وتمتع الجن منا باتباع ما كانوا يلقون إلينا من الوساوس وكنا على ذلك حتى بلغنا آخر ما بلغنا من فعلية الحياة الشقية ودرجة العمل.
فهذا اعتراف منهم بأن الاجل وإن كان بتأجيل الله سبحانه لكنهم إنما بلغوه بطيهم طريق تمتع البعض، من البعض، وهو طريق سلكوه باختيارهم. ولا يعبد أن يستظهر من هنا أن المراد بالجن الشياطين الذين يوسوسون في صدور الناس من الجن.
قوله تعالى: (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله) الخ، هذا جواب منه سبحانه وقضاء عليهم، ومتن ما قضى به قوله: (النار مثواكم) الخ.
والمثوى اسم مكان من قولهم: ثوى يثوى ثواء أي أقام مع استقرار فقوله: النار مثواكم أي مقامكم الذي تستقرون فيه من غير خروج ولذا أكده بقوله؟ (خالدين فيها) وقوله: (إلا ما شاء الله) استثناء يفيد أن القدرة الإلهية باقية مع ذلك على ما كانت فله مع ذلك أن يخرجكم منها وإن كان لا يفعل.
ثم تمم الآية بقوله: (إن ربك حكيم عليم) وهو يفيد تعليل البيان الواقع في الآية والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) فيه بيان أن جعله تعالى بعض الظالمين أولياء يجرى على الحقيقة المبينة في الآية السابقة، وهو أن التابع يستمتع المتبوع من طريق تسويله وإغوائه فيكسب بذلك الذنوب والاثام حتى يجعل الله المتبوع وليا عليه ويدخل التابع في ولايته.
وقوله: (بما كانوا يكسبون) الباء للسببية أو المقابلة، وهو يفيد أن هذه التولية إنما هي بنحو المجازاة يجازى بها الظالمين في قبال ما اكتسبوه من المظالم لا تولية ابتدائية من غير ذنب سابق نظير ما في قوله: (يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين (البقرة: 26). وقد التفت في الآية من الغيبة إلى التكلم ليختص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببيان هذه الحقيقة فإنهم غير لائقين بتلقيها وإنما التفت إلى التكلم لان التكلم
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346