تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٤
هو المناسب للمسارة هذا وفي الآيات موارد أخر من الالتفات لا يخفى وجهها على المتدبر.
قوله تعالى: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) إلى آخر الآية.
في هذا الخطاب دفع دخل يمكن أن يتوجه إلى الحجة السابقة المأخوذة من اعترافهم بأنهم إنما وقعوا فيما وقعوا فيه من ولاية الشياطين بسوء اختيارهم.
وهو أنهم وإن ابتلوا بذلك من طريق الاختيار لكنهم لو يكونوا يعلمون أن هذه المعاصي والتمتعات سوف توردهم مورد الهلكة وتسجل عليهم ولاية الظالمين والشياطين ويخسرهم بالشقاء الذي لا سعادة بعده أبدا فهم كانوا على غفلة من ذلك وإن كانوا على علم في الجملة بمساءة أعمالهم وشناعة أفعالهم ومؤاخذة الغافل ظلم.
فدفعه الله سبحانه بهذا الخطاب الذي يسألهم فيه عن إتيان الرسل وذكرهم آيات الله وإنذارهم بيوم الجمع والحساب فلما شهدوا على أنفسهم بالكفر بما جاء به الرسل تمت الكلمة ولزمت الحجة.
فمعنى الآية: أنا نخاطبهم جميعا فنقول لهم: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم أرسلناهم إليكم يقصون عليكم آياتي التي تدل على الدين الحق، وينذرونكم لقاء يومكم هذا وهو يوم القيامة وإن الله سيوقفكم موقف المسألة فيحاسبكم على أعمالكم ثم يجازيكم بما عملتم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا فإذا سألناهم عن ذلك أجابونا وقالوا: شهدنا على أنفسنا أن الرسل أتونا وقصوا علينا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، وشهدوا على أنفسهم إنهم كانوا كافرين بما جاء به الرسل رادين عليهم عن علم وما كانوا غافلين.
وبذلك تبين أولا أن قوله: (منكم لا يدل على أزيد من كون الرسل من جنس المخاطبين وهم مجموع الجن والإنس لا من غيرهم كالملائكة حتى يتوحشوا منهم ولا يستأنسوا بهم ولا يفقهوا قولهم، وأما أن من كل من طائفتي الجن والإنس رسلا منهم فلا دلالة في الآية على ذلك.
وثانيا: أن تكرار لفظ الشهادة إنما هو لاختلاف متعلقها فالمراد بالشهادة الأولى الشهادة بإتيان الرسل وقصهم آيات الله وإنذارهم بيوم القيامة، وبالشهادة الثانية الشهادة بكفرهم بما جاء به الرسل من غير غفلة.
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346