عموا عنها غير أن الابصار لأنفسهم والعمى عليها.
ومن هنا يظهر أن المراد بالحفظ عليهم رجوع أمر نفوسهم وتدبير قلوبهم إليه فهو إنما ينفى كونه حفيظا عليهم تكوينا وإنما هو ناصح لهم. والآية كالمعترضة بين الآيات السابقة والآية اللاحقة، وهو خطاب منه تعالى عن لسان نبيه كالرسول يأتي بالرسالة إلى قوم فيؤديها إليهم وفي خلال ما يؤديه يكلمهم من نفسه بما يهيجهم للسمع والطاعة ويحثهم على الانقياد بإظهار النصح ونفى الأغراض الفاسدة عن نفسه.
قوله تعالى: (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) الخ، وقرئ: دارست بالخطاب ودرست بالتأنيث والغيبة، قيل: إن التصريف هو إجراء المعنى الدائر في المعاني المتعاقبة ليجتمع فيه وجوه الفائدة، وقوله: (درست) من الدرس وهو التعلم والتعليم من طريق التلاوة، وعلى هذا المعنى قراءة دارست غير أن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني وأما قراءة (درست) بالتأنيث والغيبة فهو من الدروس بمعنى تعفى الأثر أي اندرست هذه الأقوال كقولهم: أساطير الأولين.
والمعنى: على هذا المثال نصرف الآيات ونحولها بيانا لغايات كثيرة ومنها أن يستكمل هؤلاء الأشقياء شقوتهم فيتهموك يا محمد بأنك تعلمتها من بعض أهل الكتاب أو يقولوا: اندرست هذه الأقاويل وانقرض عهدها ولا نفع فيها اليوم، ولنبينه لقوم يعلمون بتطهير قلوبهم وشرح صدورهم به، وهذا كقوله: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) (الاسراء: 82).
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله لا يوصف، وكيف يوصف وقال في كتابه: (وما قدروا الله حق قدره) فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك.
وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: (وما قدروا الله حق قدره) قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم فمن آمن أن الله على كل شئ قدير فقد قدر الله حق قدره، ومن