تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٨
كل شئ، وأن له ما في السماوات والأرض وما ظهر وما بطن، وكيف يستقيم شئ من هذه التعاليم الإلهية المنبئة عن توحيده في ربوبيته مع وجود ما لا يحصى من مخلوقات غيره خلال مخلوقاته.
الثانية: أن القرآن الكريم إذ ينسب خلق كل شئ إليه تعالى ويحصر العلة الفاعلة فيه كان لازمه إبطال رابطة العلية والمعلولية بين الأشياء فلا مؤثر في الوجود إلا الله، وإنما هي عادته تعالى جرت أن يخلق ما نسميه معلولا عقيب ما نسميه عله من غير أن تكون بينهما رابطة توجب وجود المعلول منهما عقيب العلة فالنار التي تستعقب الحرارة نسبتها إلى الحرارة والبرودة على السواء، والحرارة نسبتها إلى النار والثلج على السواء غير أن عادة الله جرت أن يخلق الحرارة عقيب النار والبرودة بعد الثلج من غير أن يكون هناك إيجاب واقتضاء بوجه أصلا.
وهذا النظر يبطل قانون العلية والمعلولية العام الذي عليه المدار في القضاء العقلي وببطلانه ينسد باب إثبات الصانع ولا تصل النوبة مع ذلك إلى كتاب إلهي يحتج به على بطلان رابطة العلية والمعلولية بين الأشياء، وكيف يسع أن يبطل القرآن الشريف حكما صريحا عقليا ويعزل العقل عن قضائه؟ وإنما تثبت حقيته وحجيته بالحكم العقلي والقضاء الوجداني، وهو إبطال النتيجة لدليلها الذي لا يؤثر إلا إبطال النتيجة لنفسها.
وهؤلاء إنما وقعوا فيما وقعوا من جهة خلطهم بين العلل الطولية والعرضية وإنما يستحيل توارد العلتين على شئ إذا كانتا في عرض واحد لا إذا كانت إحداهما في طول الأخرى، مثال ذلك أن العلة التامة لوجود النار كما توجب وجود النار كذلك توجب وجود الحرارة ولا يجتمع مع ذلك في الحرارة إيجابان ولا تعمل فيها علتان تامتان مستقلتان بل علة معلولة لعلة.
وبتقريب آخر أدق: منشأ الخطأ هو عدم التمييز بين الفاعل بمعنى ما منه والفاعل بمعنى ما به ولاستقصاء القول في المسألة محل آخر.
الثالثة: وهى قريبة المأخذ من الثانية أنهم لما وجدوا أنه تعالى ينسب خلق كل شئ إلى نفسه، وهو تعالى مع ذلك يسلم وجود رابطة العلية والمعلولية بين الأشياء أنفسها حسبوا أن ما له علة ظاهرة معلومة من الأشياء فهى العلة له دونه تعالى وإلا لزم اجتماع
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346