والتأثير، وان السبب في ذلك انكشاف بطلان المزاعم التي كان الانسان يلعب بها طول حياته الدنيا.
فيتبين بذلك أن ليس لهذه الأسباب والضمائم في الانسان من النصيب إلا أوهام ومزاعم يتلهى ويلعب بها الانسان.
قوله تعالى: (إن الله فالق الحب والنوى) إلى آخر الآية. الفلق هو الشق. لما انتهى الكلام في الآية السابقة إلى نفى استقلال الأسباب في تأثيرها، وبطلان كون أربابهم شفعاء من دون الله المؤدى إلى كونهم شركاء لله صرف الكلام إلى بيان أن هذه التي يشتغل بها الانسان عن ربه ليست الا مخلوقات لله مدبرة بتدبيره، ولا تؤثر أثرا ولا تعمل عملا في اصلاح حياة الانسان وسوقه إلى غايات خلقته الا بتقدير من الله وتدبير يدبره هو لا غير فهو تعالى الرب دون غيره.
فالله سبحانه هو يشق الحب والنوى فينبت منهما النبات والشجر اللذين يرتزق الناس من حبه وثمره، وهو يخرج الحي من الميت والميت من الحي - وقد مر تفسير ذلك في الكلام على الآية 27 من سورة آل عمران - ذلكم الله لا غير فأنى تؤفكون وإلى متى تصرفون من الحق إلى الباطل.
قوله تعالى: (فالق الاصباح وجعل الليل سكنا) إلى آخر الآية. الاصباح بكسر الهمزة هو الصبح وهو في الأصل مصدر، والسكن ما يسكن إليه، والحسبان جمع حساب، وقيل: هو مصدر حسب حسابا وحسبانا، وقوله: (وجعل الليل سكنا) عطف على قوله: (فالق الاصباح) ولا ضير في عطف الجملة الفعلية على الاسمية إذا اشتملت على معنى الفعل وقرئ: (وجاعل).
وفي فلق الصبح وجعل الليل سكنا يسكن فيه المتحركات عن حركاتها لتجديد القوى ودفع ما عرض لها من التعب والعي والكلال من جهة حركاتها طول النهار، وجعل الشمس والقمر بما يظهر من الليل والنهار والشهور والسنين من حركاتهما في ظاهر الحس حسبانا تقدير عجيب للحركات في هده النشأة المتغيرة المتحولة ينتظم بذلك نظام المعاش الانساني ويستقيم به أمر حياته، ولذلك ذيلها بقوله: (ذلك تقدير العزيز العليم) فهو العزيز الذي لا يقهره قاهر فيفسد عليه شيئا من تدبيره، والعليم الذي لا يجهل بشئ من