تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٠٢
للعلل الكونية دونه تعالى، وهذا هو السر في إصرار هؤلاء على أن المعجزات وخوارق العادات ونحوهما إنما تتحقق بالإرادة الإلهية وحدها ونقض قانون العلية العام، فلا محالة يتم الامر بنقض السببية الكونية وإبطال قانون العلية ويبطل بذلك أصل قولهم: إن الأشياء مفتقرة إليه تعالى في حدوثها غنية عنه في بقائها.
فهؤلاء القوم لا يسعهم إلا أن يلتزموا أحد أمرين إما القول بأن العالم على سعته ونظامه الجاري فيه مستقل عن الله سبحانه غير مفتقر إليه أصلا ولا تأثير له تعالى في شئ من أجزائه ولا التحولات الواقعة فيه إلا ما كان من حاجته إليه في أول حدوثه وقد أحدثه فارتفعت الحاجة وانقطعت الخلة.
أو القول بأن الله هو الخالق لكل ما يقع عليه اسم شئ والمفيض له الوجود حال الحدوث وفي حال البقاء، ولا غنى عنه تعالى لذات ولا فعل طرفة عين.
وقد عرفت أن البحث القرآني يدفع أول القولين لتعاضد الآيات على بسط الخلقة والسلطة الغيبية على ظاهر الأشياء وباطنها وأولها وآخرها وذواتها وأفعالها حال حدوثها وحال بقائها جميعا فالمتعين هو الثاني من القولين والبحث العقلي الدقيق يؤيد بحسب النتيجة ما هو المتحصل من الآيات الكريمة.
فقد ظهر من جميع ما تقدم: أن ما يظهر من قوله: (الله خالق كل شئ) على ظاهر عمومه من غير أن يتخصص بمخصص عقلي أو شرعي.
قوله تعالى: (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها) الخ قال في المجمع: البصيرة البينة والدلالة التي يبصر بها الشئ على ما هو به والبصائر جمعها انتهى. وقيل البصيرة للقلب كالبصر للعين، والأصل في الباب على أي حال هو الادراك بحاسة البصر الذي يعد أقوى الادراكات، ونيلا من خارج الشئ المشهود، والابصار والعمى في الآية هو العلم والجهل أو الايمان والكفر توسعا.
وكأنه تعالى يشير بقوله: (قد جاءكم بصائر من ربكم) إلى ما ذكره في الآيات السابقة من الحجج الباهرة على وحدانيته وانتفاء الشريك عنه، والمعنى أن هذه الحجج بصائر قد جاءتكم من جانب الله بالوحي إلى، والخطاب من قبل النبي صلى الله عليه وآله ثم ذكر للمخاطبين وهم المشركون أنهم على خيرة من أمر أنفسهم إن شاءوا أبصروا بها وإن شاءوا
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346