تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٠٠
بها من الحوادث ويطرأ عليها من الآثار والأعمال لم يستقم شئ من هذه الحجج الباهرة والبراهين القاهرة وذلك أن احتجاج القرآن بهذه الآيات البينات من جهتين:
إحداهما من جهة الفاعل كما يشير إليه أمثال قوله تعالى: (أفي الله شك فاطر السماوات والأرض (إبراهيم: 10) فإن من الضروري أن شيئا من هذه الموجودات لم يفطر ذاته ولم يوجد نفسه، ولا أوجده شئ آخر مثله فإنه يناظره في الحاجة إلى إيجاد موجد، ولو لم ينته الامر إلى أمر موجود بذاته لا يقبل طرو العدم عليه لم يوجد في الخارج شئ من هذه الأشياء فهى موجودة بإيجاد الله الذي هو في نفسه حق لا يقبل بطلانا ولا تغيرا بوجه عما هو عليه.
ثم إنها إذا وجدت لم تستغن عنه فليس إيجاد شئ شيئا من قبيل تسخين المسخن مثلا حيث تنصب الحرارة بالانفصال من المسخن إلى المتسخن فيعود المتسخن واجدا للوصف بقى المسخن بعد ذلك أو زال، إذ لو كانت إفاضة الوجود على هذه الوتيرة عاد الوجود المفاض مستقلا بنفسه واجبا بذاته لا يقبل العدم لمكان المناقضة، وهذا هو الذي يعبر عنه الفهم الساذج الفطري بأن الأشياء لو ملكت وجود نفسها واستقلت بوجه عن ربها لم يقبل الهلاك والفساد فإن من المحال أن يستدعى الشئ بطلان نفسه أو شقاءها.
وهو الذي يستفاد من أمثال قوله: (كل شئ هالك إلا وجهه) (القصص: 88) وقوله: (ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) (الفرقان: 3) ويدل على ذلك أيضا الآيات الكثيرة الدالة على أن الله سبحانه هو المالك لكل شئ لا مالك غيره، وأن كل شئ مملوك له لا شأن له إلا المملوكية.
فالاشياء كما تستفيض منه تعالى الوجود في أول كونها وحدوثها كذلك تستفيض منه ذلك في حال بقائها وامتداد كونها و حياتها فلا يزال الشئ موجودا ما يفيض عليه الوجود وإذا انقطع عنه الفيض انمحى رسمه عن لوح الوجود قال تعالى: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا) (الاسراء: 20) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
و ثانيتهما: من جهة الغايات كما تشير إليه الآيات الواصفة للنظام الجاري في الكون متلائمة أجزاؤه متوافقة أطرافه يضمن سير الواحد منها إيصال الاخر إلى كماله
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346