تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٧١
وقوله: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) الخ. جواب عن قولهم المحكى بقوله تعالى: (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ) والآية وإن لم تعين القائلين بهذا القول من هم؟ إلا أن الجواب بما فيه من الخصوصية لا يدع ريبا في أن المخاطبين بهذا الجواب هم اليهود فالقائلون: (ما أنزل الله على بشر من شئ) هم اليهود أيضا، وذلك أن الآية تحتج على هؤلاء القائلين بكتاب موسى عليه السلام والمشركون لا يعترفون به ولا يقولون بنزوله من عند الله، وإنما القائلون به أهل الكتاب، وأيضا الآية تذمهم بأنهم يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا، وهذا أيضا من خصائص اليهود على ما نسبه القرآن إليهم دون المشركين.
على أن قوله بعد ذلك: (وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) على ظاهر معناه الساذج لا يصلح أن يخاطب به غير اليهود من المشركين أو المسلمين كما تقدم وسيجئ إن شاء الله تعالى.
وأما أن اليهود كانوا مؤمنين بنبوة الأنبياء موسى ومن قبله عليهم السلام وبنزول كتب سماوية كالتوراة وغيرها فلم يك يتأتى لهم أن يقولوا: ما أنزل الله على بشر من شئ لمخالفته أصول معتقداتهم فيدفعه: أن أكون ذلك مخالفا للأصل الذي عندهم لا يمنع أن يتفوه به بعضهم تعصبا على الاسلام أو تهييجا للمشركين على المسلمين أو يقول ذلك عن مسألة سألها المشركون عن حال كتاب كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعى نزوله عليه من جانب الله سبحانه، وقد قالوا في تأييد وثنية مشركي العرب على أهل التوحيد من المسلمين: هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا، فرجحوا قذارة الشرك على طهارة التوحيد و أساس دينهم التوحيد حتى أنزل الله: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) (النساء: 51).
وقولهم - وهو أبين سفها من سابقه - اغتياظا على النصارى: أن إبراهيم عليه السلام كان يهوديا حتى نزل فيهم قوله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون - إلى أن قال - ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) (آل عمران: 67) إلى غير ذلك من أقوالهم المناقضة لأصولهم الثابتة المحكية في القرآن الكريم.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346