تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٢
من غير توسيطها فافهم ذلك.
والبركة كثيرة الدور في لسان الدين فقد ورد في الكتاب العزيز ذكرها في آيات كثيرة بألفاظ مختلفة وكذا ورودها في السنة، وقد تكرر ذكر البركة أيضا في العهدين في موارد كثيرة يذكر فيها إعطاء الله سبحانه البركة للنبي الفلاني أو إعطاء الكهنة البركة لغيرهم وقد كان أخذ البركة في العهد القديم كالسنة الجارية.
وقد ظهر مما تقدم بطلان زعم المنكرين لوجود البركة كما نقلناه عن الراغب فيما تقدم من عبارته فقد زعموا أن عمل الأسباب الطبيعية في الأشياء لا يدع مجالا لسبب آخر يعمل فيه أو يبطل أثرها وقد ذهب عنهم أن تأثيره تعالى في الأشياء في طول سائر الا سباب لا في عرضها حتى يؤل الامر إلى تزاحم أو إبطال ونحوهما.
قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا إلى قوله - ما أنزل الله) عد الله سبحانه موارد ثلاثة من الظلم هي من أشد مراتبه التي لا يرتاب العقل العادي في شناعتها وفظاعتها، ولذا أوردها في سياق السؤال.
والغرض من ذلك الدعوة إلى النزول على حكم العقل السليم والاخذ بالنصفة وخفض الجناح لصريح الحق فكأنه يقول: قل لهم: يجب على وعليكم أن لا نستكبر عن الحق ولا نستعلي على الله تعالى بارتكاب ما هو من أشد الظلم وأشنعه وهو الظلم في جنب الله فكيف يصح لكم أن تفتروا على الله كذبا وتدعوا له شركاء تتخذونها شفعاء؟ وكيف يسوغ لي أن أدعى النبوة وأقول: أوحى إلى إن كنت لست بنبي يوحى إليه؟ وكيف يجوز لقائل أن يقول: سأنزل مثل ما أنزل الله، فيسخر بحكم الله ويستهزئ بآياته؟.
ونتيجة هذه الدعوة أن ينقادوا لحكم النبوة فإنهم إذا اجتنبوا الافتراء على الله بالشرك، وكف القائل (سأنزل مثل ما أنزل الله) عن مقاله، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يصر على الوحي بقيت نبوته بلا معارض.
وافتراء الكذب على الله سبحانه وهو أول المظالم المعدودة وإن كان أعم بالنسبة إلى دعوى الوحي إذا لم يوح إليه وهو ثاني المظالم المعدودة، ولذا قيل: إن ذكر الثاني بعد الأول من باب ذكر الخاص بعد العام اعتناء بشأن الوحي وإعظاما لامره، لكن التأمل في سياق الكلام ووجهه إلى المشركين يعطى أن المراد بالافتراء المذكور هو اتخاذ
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346