كان عطاء ربك محظورا) (الاسراء - 20).
وقوله (ونصله جهنم وساءت مصيرا) عطفه بالواو يدل على أن الجميع أي توليته ما تولى وإصلاءه جهنم أمر واحد إلهي بعض أجزائه دنيوي وهو توليته ما تولى، وبعضها أخروي وهو إصلاؤه جهنم وساءت مصيرا.
قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (إلى آخر الآية) ظاهر الآية أنها في مقام التعليل لقوله في الآية السابقة (نوله ما تولى ونصله جهنم)، بناء على اتصال الآيات فالآية تدل على أن مشاقة الرسول شرك بالله العظيم، وإن الله لا يغفر أن يشرك به، وربما استفيد ذلك من قوله تعالى (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) (محمد - 34) فإن ظاهر الآية الثالثة أنها تعليل لما في الآية الثانية من الامر بطاعة الله وطاعة رسوله فيكون الخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله كفرا لا يغفر أبدا، وهو الشرك.
والمقام يعطى أن إلحاق قوله (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) بقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به) إنما هو لتتميم البيان وإفادة عظمة هذه المعصية المشؤومة أعني مشاقة الرسول، وقد تقدم بعض الكلام في الآية في آخر الجزء الرابع من هذا الكتاب.
قوله تعالى: (إن يدعون من دونه إلا إناثا) الإناث جمع أنثى يقال: أنث الحديد أنثا أي انفعل ولان، وأنث المكان أسرع في الانبات وجاد، ففيه معنى الانفعال والتأثر وبذلك سميت الأنثى من الحيوان أنثى وقد سميت الأصنام وكل معبود من دون الله إناثا لكونها قابلات منفعلات ليس في وسعها أن تفعل شيئا مما يتوقعه عبادها منها - كما قيل - قال تعالى: (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوى عزيز) (الحج - 74) وقال: (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) (الفرقان - 3).
فالظاهر أن المراد بالأنوثة الانفعال المحض الذي هو شأن المخلوق إذا قيس إلى الخالق