وفسر بعضهم الكتاب والحكمة بالقرآن والسنة، و (ما لم تكن تعلم) بالشرائع وأنباء الرسل الأولين وغير ذلك من العلوم إلى غير ذلك مما ذكروه، وقد تبين وجه ضعفها بما مر فلا نعيد.
قوله تعالى: (وكان فضل الله عليك عظيما) امتنان على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) قال الراغب: وناجيته أي ساررته وأصله أن تخلو به في نجوة من الأرض (انتهى) فالنجوى المسارة في الحديث، وربما أطلق على نفس المتناجين قال تعالى:
(وإذ هم نجوى) (الاسراء - 47) أي متناجون.
وفي الكلام أعني قوله (لا خير في كثير من نجواهم) عود إلى ما تقدم من قوله تعالى (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) (الآية) بناء على اتصال الآيات وقد عمم البيان لمطلق المسارة في القول سواء كان ذلك بطريق التبييت أو بغيره لان الحكم المذكور وهو انتفاء الخير فيه إنما هو لمطلق المسارة وإن لم تكن على نحو التبييت، ونظيره قوله (ومن يشاقق) دون أن يقول: (ومن يناج للمشاقة، لان الحكم المذكور لمطلق المشاقة أعم من أن يكون نجوى أولا.
وظاهر الاستثناء أنه منقطع، والمعنى: لكن من أمر بكذا وكذا فيه ففيما أمر به شئ من الخير، وقد سمى دعوة النجوى إلى الخير أمرا وذلك من قبيل الاستعارة، وقد عد تعالى هذا الخير الذي يأمر به النجوى ثلاثة:
الصدقة، والمعروف، والاصلاح بين الناس. ولعل إفراد الصدقة عن المعروف مع كونها من أفراده لكونها الفرد الكامل في الاحتياج إلى النجوى بالطبع، وهو كذلك غالبا.
قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله)، تفصيل لحال النجوى ببيان آخر من حيث التبعة من المثوبة والعقوبة ليتبين به وجه الخير فيما هو خير من النجوى، وعدم الخير فيما ليس بخير منه.
ومحصلة أن فاعل النجوى على قسمين: (أحدهما) من يفعل ذلك ابتغاء مراضاة الله، ولا محالة ينطبق على ما يدعو إلى معروف أو إصلاح بين الناس تقربا إلى الله،