قوله تعالى: (وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا) فيه مقابلة لما ذكر في وعد الشيطان أنه ليس إلا غرورا فكان وعد الله حقا، وقوله صدقا.
قوله تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) عود إلى بدء الكلام وبمنزلة النتيجة المحصلة الملخصة من تفصيل الكلام، وذلك أنه يتحصل من المحكى من أعمال بعض المؤمنين وأقوالهم وإلحاحهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يراعى جانبهم، ويعاضدهم ويساعدهم على غيرهم فيما يقع بينهم من النزاع والمشاجرة أنهم يرون أن لهم بإيمانهم كرامة على الله سبحانه وحقا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجب به على الله ورسوله مراعاة جانبهم، وتغليب جهتهم على غيرهم على الحق كانوا أو على الباطل، عدلا كان الحكم أو ظلما على حد ما يراه أتباع أئمة الضلال وحواشي رؤساء الجور وبطائنهم وأذنابهم، فالواحد منهم يمتن على متبوعه ورئيسه في عين أنه يخضع له ويطيعه، ويرى أن له عليه كرامة تلتزمه على مراعاة جانبه وتقديمه على غيره تحكما.
وكذا كان يراه أهل الكتاب على ما حكاه الله تعالى في كتابه عنهم قال تعالى: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) (المائدة - 18)، وقال تعالى:
(وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) (البقرة - 135)، وقال تعالى: (قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) (آل عمران - 75).
فرد الله على هذه الطائفة من المؤمنين في مزعمتهم، وأتبعهم بأهل الكتاب وسمى هذه المزاعم بالأماني استعارة لأنها كالأماني ليست إلا صورا خيالية ملذة لا أثر لها في الأعيان فقال: ليس بأمانيكم معاشر المسلمين أو معشر طائفة من المسلمين ولا بأماني أهل الكتاب بل الامر يدور مدار العمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وقدم ذكر السيئة على الحسنة لان عمدة خطأهم كانت فيها.
قوله تعالى: (من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) جئ في الكلام بالفصل من غير وصل لأنه في موضع الجواب عن سؤال مقدر، تقديره: إذا لم يكن الدخول في حمى الاسلام والايمان يجر للانسان كل خير، ويحفظ منافعه في الحياة، وكذا اليهودية والنصرانية فما هو السبيل؟ وإلى ما ذا ينجر حال الانسان؟ فقيل: (من يعمل سوءا يجز به ولا يجدله من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات) (الخ).