في سرية، فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، ويأكلون من ألبانها فلما برأوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث إليهم عليا عليه السلام وإذا هم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه قريبا من أرض اليمن فأسرهم وجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية: " انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وارجلهم من خلاف ".
أقول: ورواه في التهذيب بإسناده عن أبي صالح عنه عليه السلام، باختلاف يسير، ورواه العياشي في تفسيره عنه عليه السلام وزاد في آخره فاختار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يقطع أيديهم وارجلهم من خلاف، والقصة مروية في جوامع أهل السنة ومنها الصحاح الستة بطرق على اختلاف في خصوصياتها، ومنها ما وقع في بعضها ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن ظفر بهم قطع أيديهم وارجلهم من خلاف وسمل أعينهم، وفى بعضها: فقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم وصلب وقطع وسمل الأعين، وفي بعضها: انه سمل أعينهم لانهم سملوا أعين الرعاة، وفي بعضها: ان الله نهاه عن سمل الأعين، وان الآية نزلت معاتبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر هذه المثلة، وفي بعضها: انه أراد ان يسمل أعينهم ولم يسمل، إلى غير ذلك.
والروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام خالية عن ذكر سمل الأعين.
وفي الكافي بإسناده عن عمرو بن عثمان بن عبيد الله المدائني عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سئل عن قول الله عز وجل: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا " (الآية) فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟
فقال: إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فقتل قتل به، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن شهر السيف فحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال نفى من الأرض.
قلت كيف ينفى من الأرض وما حد نفيه؟ قال: ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفى فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه فيفعل ذلك به سنة فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة، قلت: فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال: إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها.